للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَسود:

وافى بها كدراهم الإِسجاد «١»

. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ اعْطُونَا الإِسجاد أَي الْجِزْيَةَ، وَرُوِيَ بَيْتُ الأَسود بِالْفَتْحِ كَدَرَاهِمِ الأَسجاد. قَالَ ابْنُ الأَنباري: دَرَاهِمُ الأَسجاد هِيَ دَرَاهِمُ ضَرَبَهَا الأَكاسرة وَكَانَ عَلَيْهَا صُوَرٌ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهَا صُورَةُ كِسْرَى فَمَنْ أَبصرها سَجَدَ لَهَا أَي طأْطأَ رأْسه لَهَا وأَظهر الْخُضُوعَ. قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ شِعْرِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ رِوَايَةَ الْمُفَضَّلِ مَرْقُومٌ فِيهِ عَلَامَةٌ أَي «٢» .... وَنَخْلَةٌ سَاجِدَةٌ إِذا أَمالها حِمْلُهَا. وَسَجَدَتِ النَّخْلَةُ إِذا مَالَتْ. وَنَخْلٌ سَوَاجِدُ: مَائِلَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:

بَيْنَ الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنةٌ ... غُلْبٌ سواجدُ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الخَصَرُ

قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن السَّوَاجِدَ هُنَا المتأَصلة الثَّابِتَةُ؛ قَالَ وأَنشد فِي وَصْفِ بَعِيرٍ سَانِيَةٍ:

لَوْلَا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِدا ... بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ السَّاجِدَا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ لَمْ أُغير مِنْ حِكَايَتِهِ شَيْئًا. وَسَجَدَ: خَضَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَرَى الأُكْمَ فِيهَا سُجَّداً للحوافِرِ

وَمِنْهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الأَرض وَلَا خُضُوعَ أَعظم مِنْهُ. وَالِاسْمُ السِّجْدَةُ، بِالْكَسْرِ، وَسُورَةُ السَّجْدَةِ، بِالْفَتْحِ. وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ وَخَضَعَ لِمَا أُمر بِهِ، فَقَدْ سَجَدَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ

أَي خُضَّعًا مُتَسَخِّرَةً لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ

؛ مَعْنَاهُ يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ وَيَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ. وَيَكُونُ السُّجُودُ عَلَى جِهَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ

«٣» وَيَكُونُ السُّجُودُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ؛ وأَنشد:

مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الملوكُ وتَسْجُدُ

قَالَ وَمَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

، سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا عِبَادَةٍ؛ وَقَالَ الأَخفش: مَعْنَى الْخُرُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُرُورُ لَا السُّقُوطُ وَالْوُقُوعُ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً*

، قَالَ: بَابٌ ضَيِّقٌ، وَقَالَ: سُجَّدًا رُكَّعًا، وَسُجُودُ الْمَوَاتِ مَحْمَلُهُ فِي الْقُرْآنِ طَاعَتُهُ لِمَا سُخِّرَ لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ

، إِلى قَوْلِهِ: وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ؛ وَلَيْسَ سُجُودُ الْمَوَاتِ لِلَّهِ بأَعجب مِنْ هُبُوطِ الْحِجَارَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ لِلَّهِ والإِيمان بِمَا أَنزل مِنْ غَيْرِ تَطَلُّبِ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ السُّجُودِ وَفِقْهِهِ، لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يُفَقِّهْنَاهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ تَسْبِيحُ الْمَوَاتِ مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ يَلْزِمُنَا الإِيمان بِهِ وَالِاعْتِرَافُ بِقُصُورِ أَفهامنا عَنْ فَهْمِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.

سخد: السُّخْدُ: دَمٌ وَمَاءٌ فِي السَّابِيَاء، وَهُوَ السَّلى الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ. ابْنُ أَحمر: السُّخْدُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ. ابْنُ سِيدَهْ: السُّخْدُ مَاءٌ أَصفر ثَخِينٌ يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ يَخْرُجُ مَعَ الْمَشِيمَةِ، قِيلَ: هُوَ لِلنَّاسِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ للإِنسان وَالْمَاشِيَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ مُسَخَّدٌ. وَرَجُلٌ مُسَخِّدٌ: مورَّم مُصْفَرٌّ ثَقِيلٌ مِنْ مَرَضٍ أَو


(١). قوله [وافى بها إلخ] صدره كما في القاموس:
من خمر ذي نطق أغن منطق
(٢). قوله [علامة أي] في نسخة الأَصل التي بأيدينا بعد أي حروف لا يمكن أَن يهتدي اليها أحد
(٣). الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>