للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقَالُ سَعْدَانَةٌ الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ العُجايَة هنَاتٌ كأَنها الأَظفار تُسَمَّى: السَّعْدَانَاتُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ الأَحرار السَّعْدَانُ وَهِيَ غَبْرَاءُ اللَّوْنِ حُلْوَةٌ يأْكلها كُلُّ شَيْءٍ وَلَيْسَتْ بكبيرة، ولها إِذا يَبِسَتْ شَوْكَةٌ مُفَلطَحَة كأَنها دِرْهَمٌ، وَهُوَ مِنْ أَنجع الْمَرْعَى؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَثَلِ: مَرْعًى وَلَا كالسَّعدان؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها ... سَعدانُ تُوضَح فِي أَوبارها اللِّبَد

قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تُرِيدُ الْبَادِيَةَ؟ فَقَالَ: أَما مَا دَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِيًا فَلَا؛ كأَنه قَالَ: لَا أُريدها أَبداً. وَسُئِلَتِ امرأَة تَزَوَّجَتْ عَنْ زَوْجِهَا الثَّانِي: أَين هُوَ مِنَ الأَول؟ فَقَالَتْ: مَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْمَثَلِ أَن السَّعْدَانَ مِنْ أَفضل مَرَاعِيهِمْ. وَخَلَّطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ السَّعْدَانِ فَجَعَلَ الحَلَمَة ثمرَ السَّعْدَانِ وَجَعَلَ لَهُ حَسَكاً كالقُطْب؛ وَهَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، وَالْقُطْبُ شَوْكُ غَيْرِ السَّعْدَانِ يُشْبِهُ الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فَهِيَ شَجَرَةٌ أُخرى وَلَيْسَتْ مِنَ السَّعْدَانِ فِي شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ:

يَهْتَزُّ كأَنه سَعدانة

؛ هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ وَالصِّرَاطِ:

عَلَيْهَا خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ

؛ شَبَّه الْخَطَاطِيفَ بشوك السعدان. والسُّعْد، بِالضَّمِّ: مِنَ الطِّيبِ، والسُّعادى مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّعدة مِنَ الْعُرُوقِ الطَّيِّبَةِ الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سَوْدَاءُ صُلْبَة، كأَنها عُقْدَةٌ تَقَعُ فِي العِطر وَفِي الأَدوية، وَالْجَمْعِ سُعْد؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِنَبَاتِهِ السُّعَادَى وَالْجَمْعُ سُعادَيات. قَالَ الأَزهري: السُّعد نَبْتٌ لَهُ أَصل تَحْتَ الأَرض أَسود طَيِّبُ الرِّيحِ، والسُّعادى نَبْتٌ آخَرُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّعادَى نَبْتُ السُّعد. وَيُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ يَتَسَعَّدون أَي يَرْتَادُونَ مَرْعَى السَّعْدَانِ. قَالَ الأَزهري: وَالسَّعْدَانُ بَقْلٌ لَهُ ثَمَرٌ مُسْتَدِيرٌ مُشَوَّكُ الْوَجْهِ إِذا يَبِسَ سَقَطَ عَلَى الأَرض مُسْتَلْقِيًا، فإِذا وَطِئَهُ الْمَاشِي عقَر رِجْلَهُ شوْكُه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاعِيهِمْ أَيام الرَّبِيعِ، وأَلبان الإِبل تَحْلُو إِذا رَعَتِ السَّعْدانَ لأَنه مَا دَامَ رَطْبًا حُلْوٌ يَتَمَصَّصُهُ الإِنسان رَطْبًا ويأْكله. والسُّعُد: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:

وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً، ... نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ

وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: انْجُ سَعْدُ فَقَدْ قُتِلَ سُعَيْد؛ هَذَا مَثَلٌ سَائِرٌ وأَصله أَنه كَانَ لِضَبَّة بْنِ أُدٍّ ابْنَانِ: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فَخَرَجَا يَطْلُبَانِ إِبلًا لَهُمَا فَرَجَعَ سَعْدٌ وَلَمْ يَرْجِعْ سُعَيْدٌ، فَكَانَ ضبةُ إِذا رأَى سَوَادًا تَحْتَ اللَّيْلِ قَالَ: سَعْد أَم سُعَيْد؟ هَذَا أَصل الْمَثَلِ فأُخذ ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ وَصَارَ مِمَّا يتشاءَم بِهِ، وَهُوَ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي الْعِنَايَةِ بِذِي الرَّحِمِ وَيُضْرَبُ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنِ الأَمرين الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيهما وَقَعَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْمَثَلِ: أَسعد أَم سُعَيْدٌ إِذا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ أَهو مِمَّا يُحَبّ أَو يُكْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:

لَا إِسعادَ وَلَا عُفْرَ فِي الإِسلام

؛ هُوَ إِسعاد النِّسَاءِ فِي المَناحات تَقُومُ المرأَة فَتَقُومُ مَعَهَا أُخرى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّيَاحَةِ تَأْوِيلُهُ أَنَّ نِسَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ كنَّ إِذا أُصيبت إِحداهنَّ بِمُصِيبَةٍ فِيمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهَا بكت حولًا، وأَسْعَدها عَلَى ذَلِكَ جَارَاتُهَا وذواتُ قِرَابَاتِهَا فَيَجْتَمِعْنَ مَعَهَا فِي عِداد النِّيَاحَةِ وأَوقاتها ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها مَا دَامَتْ تَنُوحُ عَلَيْهِ وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صَوَاحِبَاتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمُصِيبَةٍ أَسعدتهن فَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عن هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>