للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْبُرُودِ، وأَنشد:

جُبَّةُ أَسنادٍ نَقِيٌّ لونُها، ... لَمْ يَضْرِبِ الخيَّاطُ فِيهَا بالإِبَرْ

قَالَ: وَهِيَ الْحَمْرَاءُ مِنْ جِبابِ الْبُرُودِ. ابْنُ الأَعرابي: سَنَّدَ الرجلُ إِذا لَبِس السَّنَد وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ. وَخَرَجُوا مُتسانِدينَ إِذا خَرَجُوا عَلَى راياتٍ شَتَّى. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: خَرَجَ ثُمامة بْنُ أُثال وَفُلَانٌ مُتسانِدَين

أَي مُتعاوِنَين، كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْنِدُ عَلَى الْآخَرِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ. والمُسْنَدُ: خَطٌّ لِحِمْيَرَ مُخَالِفٌ لِخَطِّنَا هَذَا، كَانُوا يَكْتُبُونَهُ أَيام مُلْكِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ فِي أَيديهم إِلى الْيَوْمِ بِالْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الْمَلِكِ: أَن حَجَراً وُجد عَلَيْهِ كِتَابٌ بِالْمُسْنَدِ

؛ قَالَ: هِيَ كِتَابَةٌ قَدِيمَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ خَطُّ حِمْيَرَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: المُسْنَدُ كَلَامُ أَولاد شِيثٍ. والسِّنْد: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ تُتاخم بلادُهم بلادَ أَهل الْهِنْدِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم سِنْديّ. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ السِّنادُ وهو اختلاف الأَرْدادِ، كَقَوْلِ عَبِيد بْنِ الأَبرص:

فَقَدْ أَلِجُ الخِباءَ عَلَى جَوارٍ، ... كأَنَّ عُيونَهُنَّ عُيونُ عِينِ

ثُمَّ قَالَ:

فإِنْ يكُ فاتَني أَسَفاً شَبابي ... وأَضْحَى الرأْسُ مِني كاللُّجَينِ

وَهَذَا الْعَجُزُ الأَخير غَيَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ:

وأَصبح رأْسُه مِثلَ اللُّجَينِ

وَالصَّوَابُ فِي إِنشادهما تَقْدِيمُ الْبَيْتِ الثَّانِي عَلَى الأَول. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ أَنه قَالَ: السِّنادُ فِي الْقَوَافِي مِثْلُ شَيْبٍ وشِيبٍ؛ وساندَ فُلَانٌ فِي شِعْرِهِ. وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ مُتسانِدين أَي عَلَى رَايَاتٍ شَتى إِذا خَرَجَ كُلُّ بَنِي أَب عَلَى رَايَةٍ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى رَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا تَحْتَ رَايَةِ أَمير وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ أَسنَد فِي الشِّعْرِ إِسناداً بِمَعْنَى سانَدَ مِثْلَ إِسناد الْخَبَرِ، وَيُقَالُ سانَدَ الشَّاعِرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وشِعْرٍ، قَدْ أَرِقْتُ لَهُ، غَريبٍ ... أُجانِبُه المَسانِدَ والمُحالا

ابْنُ سِيدَهْ: سانَدَ شعره سِناداً وسانَدَ فِيهِ كِلَاهُمَا: خَالَفَ بَيْنَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي تَلِي الأَرْدافَ فِي الرَّوِيِّ، كَقَوْلِهِ:

شَرِبنا مِن دِماءِ بَني تَميمٍ ... بأَطرافِ القَنا، حَتَّى رَوِينا

وَقَوْلِهِ فِيهَا:

أَلم تَرَ أَنَّ تَغْلِبَ بَيْتُ عِزٍّ، ... جبالُ مَعاقِلٍ مَا يُرْتَقَيْنا؟

فَكَسَرَ مَا قَبْلَ الْيَاءِ فِي رَوِينا وَفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فِي يُرْتَقَيْنا، فَصَارَتْ قَيْنا مَعَ وِينا وَهُوَ عَيْبٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: بِالْجُمْلَةِ إِنَّ اخْتِلَافَ الْكَسْرَةِ وَالْفَتْحَةِ قَبْلَ الرِّدْفِ عَيْبٌ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي اسْتَهْوَى فِي اسْتِجَازَتِهِمْ إِياه أَن الْفَتْحَةَ عِنْدَهُمْ قَدْ أُجريَتْ مُجْرى الْكَسْرَةِ وعاقَبتها فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ الْيَاءُ الْمَفْتُوحُ مَا قَبْلَهَا قَدْ أُجريت مُجْرَى الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا، أَما تَعاقُبُ الْحَرَكَتَيْنِ فَفِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَنهم عَدَلوا لَفْظَ الْمَجْرُورِ فِيمَا لَا يَنْصَرِفُ إِلى لَفْظِ الْمَنْصُوبِ، فَقَالُوا مَرَرْتُ بعُمَر كَمَا قَالُوا ضَرَبْتُ عُمر، فكأَن فَتْحَةَ رَاءِ عُمَر عَاقَبَتْ مَا كَانَ يَجِبُ فِيهَا مِنَ الْكَسْرَةِ لَوْ صُرِفَ الِاسْمُ فَقِيلَ مَرَرْتُ بعُمرٍ، وأَما مُشَابَهَةُ الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا لِلْيَاءِ الْمَفْتُوحِ مَا قَبْلَهَا فلأَنهم قَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>