للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذِهِ الأَساوِدُ حَوْلي؛ قَالَ: وَمَا حَوْلَه إِلَّا مِطْهَرَةٌ وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، وكلُّ شَخْصٍ مِنْ مَتَاعٍ أَو إِنسان أَو غيرِه: سوادٌ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بِهَا لاسْتضرارِه بِمَكَانِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا رأَى أَحدكم سَوَادًا بِلَيْلٍ فَلَا يَكُنْ أَجْبنَ السَّوادَينِ فإِنه يخافُك كَمَا تخافُه

أَي شَخْصًا. قَالَ: وَجَمْعُ السَّوادِ أَسوِدةٌ ثُمَّ الأَساودُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد الأَعشى:

تناهَيْتُمُ عَنَّا، وَقَدْ كَانَ فيكُمُ ... أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها

يَعْنِي بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَجَاءَ بعُودٍ وجاءَ بِبَعرةٍ حَتَّى زَعَمُوا فَصَارَ سَوَادًا

أَي شَخْصًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وَجَعَلُوا سَواداً حَيْساً

أَي شَيْئًا مُجْتَمِعًا يَعْنِي الأَزْوِدَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا رأَيتم الِاخْتِلَافَ فَعَلَيْكُمْ بالسَّواد الأَعظم

؛ قِيلَ: السَّوَادُ الأَعظمُ جُمْلَة النَّاسِ ومُعْظَمُهم الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وَسُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ؛ وَقِيلَ: الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وبَخِعَت لَهَا، بَرّاً كَانَ أَو فَاجِرًا، مَا أَقام الصلاةَ؛ وَقِيلَ لأَنَس: أَين الْجَمَاعَةُ؟ فَقَالَ: مَعَ أُمرائكم. والأَسْوَدُ: العظيمُ مِنَ الحيَّات وَفِيهِ سوادٌ، وَالْجَمْعُ أَسْوَدات وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ الأَسود أَساوِد قَالَ: لأَنه اسْمٌ وَلَوْ كَانَ صِفَةً لَجُمِع عَلَى فُعْلٍ. يُقَالُ: أَسْوَدُ سالِخٌ غَيْرُ مُضَافٍ، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف بسالخةٍ.

وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ ذَكَرَ الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

؛ قَالَ الزُّهْرِيُّ: الأَساودُ الحياتُ؛ يَقُولُ: يَنْصَبُّ بِالسَّيْفِ عَلَى رأْس صاحِبِه كَمَا تفعلُ الحيةُ إِذا ارْتَفَعَتْ فَلَسعت مَنْ فَوْقُ، وإِنما قِيلَ للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ جِلْدَه فِي كلِّ عَامٍ؛ وأَما الأَرقم فَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ الَّذِي لَهُ خَطَّان أَسودان. قَالَ شَمِر: الأَسودُ أَخْبثُ الْحَيَّاتِ وأَعظمها وأَنكاها وَهِيَ مِنَ الصِّفَةِ الْغَالِبَةِ حَتَّى استُعْمِل استِعْمال الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وَلَيْسَ شيءٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَجْرَأَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا عَارَضَ الرُّفْقَةَ وتَبَعَ [تَبِعَ] الصَّوْتَ، وَهُوَ الَّذِي يطلُبُ بالذَّحْلِ وَلَا يَنْجُو سَلِيمُه، وَيُقَالُ: هَذَا أَسود غَيْرُ مُجْرًى؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بِقَوْلِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِيَ جَمْعُ سوادٍ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ ثُمَّ أَسْوِدَة، ثُمَّ أَساوِدُ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَمر بِقَتْلِ الأَسوَدَين فِي الصَّلَاةِ

؛ قَالَ شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ والعقربَ. والأَسْوَدان: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ وَاللَّبَنُ وَجَعَلَهُمَا بَعْضُ الرُّجَّاز الماءَ والفَثَّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبَقْلِ يُختَبَزُ فَيُؤْكَلُ؛ قَالَ:

الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي، ... الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي

والأَسْودانِ: الحَرَّةُ وَاللَّيْلُ لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً المَدَنيَّ قومٌ فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكَمَ عِنْدَنَا إِلا الأَسْوَدانِ فَقَالُوا: إِن فِي ذَلِكَ لمَقْنَعا التَّمْرِ والماءِ، فَقَالَ: مَا ذَاكَ عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ وَاللَّيْلَ. فأَما قَوْلُ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَقَدْ رأَيْتُنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلا الأَسْودان

؛ فَفَسَّرَهُ أَهل اللُّغَةِ بأَنه التَّمْرُ والماءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها إِنما أَرادت الْحَرَّةَ والليلَ، وَذَلِكَ أَن وُجُودَ التَّمْرِ وَالْمَاءِ عِنْدَهُمْ شِبَعٌ ورِيٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>