للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجُوزُ أَن تَكُونَ مَمْلُوكَةً ثُمَّ يُعْتِقُها وَيَتَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَمَا نَفْعَلُ نَحْنُ ذَلِكَ كَثِيرًا بأُمهات الأَولاد؛ قَالَ الأَعشى:

فكنتَ الخليفةَ مِنْ بَعْلِها، ... وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها

أَي مِنْ بَعْلِهَا، فَكَيْفَ يَقُولُ الأَعشى هَذَا وَيَقُولُ اللِّحْيَانِيُّ بَعْدُ: إِنَّا نَظُنُّهُ مِمَّا أَحدثه النَّاسُ؟ التَّهْذِيبُ: وأَلفيا سَيِّدَهَا مَعْنَاهُ أَلفيا زَوْجَهَا، يُقَالُ: هُوَ سَيِّدُهَا وَبَعْلُهَا أَي زَوْجُهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَن امرأَة سأَلتها عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَتْ: كَانَ سَيِّدِي رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَكْرَهُ رِيحَهُ

؛ أَرادت مَعْنَى السِّيَادَةَ تَعْظِيمًا لَهُ أَو مَلِكِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُم الدَّرْدَاءِ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبو الدَّرْدَاءِ.

أَبو مَالِكٍ: السَّوادُ الْمَالُ والسَّوادُ الْحَدِيثُ وَالسَّوَادُ صُفْرَةٌ فِي اللَّوْنِ وَخُضْرَةٌ فِي الظُّفْرِ تُصِيبُ الْقَوْمَ مِنَ الْمَاءِ الملح؛ وأَنشد:

فإِنْ أَنتُمُ لَمْ تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا، ... فَكُونُوا نَعَايَا فِي الأَكُفِّ عِيابُها «١»

يَعْنِي عَيْبَةَ الثِّيَابِ؛ قَالَ: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا. وسيِّد كلِّ شَيْءٍ: أَشرفُه وأَرفَعُه؛ وَاسْتَعْمَلَ أَبو إِسحق الزَّجَّاجُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: لأَنه سَيِّدُ الْكَلَامِ نَتْلُوهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً

، السَّيِّدُ: الَّذِي يَفُوقُ فِي الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: إِن قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ سَمَّى اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، يَحْيَى سَيِّدًا وَحَصُورًا، وَالسَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ إِذ كَانَ مَالِكَ الْخَلْقِ أَجمعين وَلَا مَالِكَ لَهُمْ سِوَاهُ؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يُرِد بِالسَّيِّدِ هَاهُنَا الْمَالِكَ وإِنما أَراد الرئيسَ والإِمامَ فِي الْخَيْرِ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ فُلَانٌ سَيِّدُنَا أَي رَئِيسُنَا وَالَّذِي نُعَظِّمُهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا، ... صَدْقُ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ تَماري

وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فَهُوَ سيِّدٌ، وَهُمْ سادَةٌ، تَقْدِيرُهُ فَعَلَةٌ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَن تَقْدِيرَ سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وَهُوَ مِثْلُ سَرِيٍّ وسَراةٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه يُجمعُ عَلَى سيائدَ، بِالْهَمْزِ، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: تَقْدِيرُ سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ عَلَى فَعَلَةٍ كأَنهم جَمَعُوا سَائِدًا، مِثلَ قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وَقَالُوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد والسَّيِّدَ عَلَى جَيائِدَ وسَيائدَ، بِالْهَمْزِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ فياعلُ بِلَا هَمْزٍ، وَالدَّالُ فِي سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق بِبِنَاءِ فُعْلَلٍ، مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ. وَتَقُولُ: سَوَّدَه قَوْمُهُ وَهُوَ أَسودُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَجلُّ مِنْهُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَذَا سَيِّدُ قومِه الْيَوْمَ، فإِذا أَخبرت أَنه عَنْ قَلِيلٍ يَكُونُ سيدَهم قُلْتَ: هُوَ سائدُ قومِه عَنْ قَلِيلٍ. وَسَيِّدٌ «٢» ... وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بِمَعْنًى أَي وَلدَ غُلَامًا سَيِّدًا؛ وَكَذَلِكَ إِذا وَلَدَ غُلَامًا أَسود اللَّوْنِ. والسَّيِّد مِنَ الْمَعِزِ: المُسِنُّ؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

ثَنِيٌّ مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْمَعِزِ

؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

سَوَاءٌ عَلَيْهِ: شاةُ عامٍ دَنَتْ لَهُ ... لِيَذْبَحَها لِلضَّيْفِ، أَم شاةُ سَيِّدِ

كَذَا رَوَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْهُ؛ المُسِنُّ مِنَ الْمَعِزِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسِنُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَلِيلُ وإِن لَمْ يَكُنْ مُسِنًّا. وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَن جِبْرِيلَ قَالَ لِي: اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَن ثَنْيَةً مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السيِّد مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ

، يدل على أَنه


(١). قوله [فكونوا نعايا] هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس بغايا
(٢). هنا بياض بالأَصل المعوّل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>