للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّينَ، فأَنْسَأَني، ونَسَأْت عَنْهُ دَيْنَه: أَخَّرْته نَساءً، بِالْمَدِّ. قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّسَاءُ فِي العُمُر، مَمْدُودٌ. وَإِذَا أَخَّرْت الرَّجُلَ بدَيْنه قُلْتَ: أَنْسَأْتُه، فَإِذَا زِدتَ فِي الأَجل زِيادةً يَقَعُ عَلَيْهَا تأْخيرٌ قُلْتَ: قَدْ نَسَأْت فِي أَيامك، ونَسَأْت فِي أَجَلك. وَكَذَلِكَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ: نَسَأَ اللَّهُ فِي أَجَلك، لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فِيهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للَّبنِ: النَّسيءُ لِزِيَادَةِ الْمَاءِ فِيهِ. وَكَذَلِكَ قِيلَ: نُسِئَتِ المرأَةُ إِذَا حَبِلَتْ، جُعلت زِيادةُ الْوَلَدِ فِيهَا كَزِيَادَةِ الْمَاءِ فِي اللَّبَنِ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها لِيَزْدَادَ سَيْرُها. وَمَا لَه نَسَأَه اللَّهُ أَي أَخْزاه. وَيُقَالُ: أَخَّره اللَّهُ، وَإِذَا أَخَّره فَقَدْ أَخْزاه. ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فاعِلُه، إِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَوَّل حَبَلِها، وَذَلِكَ حِينَ يتأَخَّرُ حَيْضُها عَنْ وَقْتِهِ، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى. وَهِيَ امرأَة نَسِيءٌ. وقال الأَصمعي: يُقَالُ للمرأَة أَوَّلَ مَا تَحْمِلُ قَدْ نُسِئَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَتْ زينبُ بنتُ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تحتَ أَبي العاصِ بْنِ الرَّبِيع، فَلَمَّا خَرَجَ رسولُ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ أَرسَلَها إِلَى أَبيها، وَهِيَ نَسُوءٌ

أَي مَظْنونٌ بِهَا الحَمْل. يُقَالُ: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذَا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فَهُوَ مِنَ التأْخير، وَقِيلَ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ مِنْ نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذَا جَعَلْت فِيهِ الْمَاءَ تُكَّثِّره بِهِ، والحَمْلُ زيادةٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: النَّسُوءُ، عَلَى فَعُول، والنَّسْءُ، عَلَى فَعْلٍ، وَرُوِيَ نُسُوءٌ، بِضَمِّ النُّونِ. فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ، والنُّسوءُ تَسْميةٌ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ عَلَى أُمِّ عَامِرِ بْنِ رَبِيعةَ، وَهِيَ نَسُوءٌ، وَفِي رِوَايَةٍ نَسْءٌ، فَقَالَ لَهَا ابْشِري بعبدِ اللَّهِ خَلَفاً مِن عبدِ اللَّهِ، فولَدت غُلَامًا، فسمَّتْه عَبْدَ اللَّهِ.

وأَنْسَأَ عَنْهُ: تأَخَّر وتباعَدَ، قَالَ مَالِكِ بْنِ زُغْبةَ الباهِليّ:

إذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ نَبْلٍ، كالجَرادِ تُطِيرُها

وَفِي رواية: إِذَا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح. وناساهُ إِذَا أَبعده، جاؤُوا بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وأَصله الْهَمْزُ. وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لَا يُدْرَى مِنْ أَين أَتَتْ. وانْتَسَأَ القومُ إِذَا تباعَدُوا. وَفِي حَدِيثِ عُمَر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْي جَلادةٌ، وَإِذَا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عَنِ البُيُوت، أَي تأَخَّرُوا. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِلَا هَمْزٍ، وَالصَّوَابُ: فانْتَسِئُوا، بِالْهَمْزِ؛ وَيُرْوَى: فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا. وَيُقَالُ: بَنَّسْتُ إِذَا تأَخَّرْت. وَقَوْلُهُمْ: أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي. قَالَ الشَّنْفَرى يَصِفُ خُرُوجَه وأَصحابه إِلَى الغَزْو، وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب:

غَدوْنَ مِن الْوَادِي الَّذِي بيْنَ مِشْعَلٍ، ... وبَيْنَ الحَشا، هيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُربَتِي

وَيُرْوَى: أَنْشَأَتُ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. فالسُّرْبةُ فِي رِوَايَتِهِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: الْمَذْهَبُ، وَفِي رِوَايَتِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: الْجَمَاعَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ الأَصمعي وَالْمُفَضَّلِ. وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمَا: أَظْهَرْتُ جَماعَتِي مِنْ مَكَانٍ بعيدٍ لِمَغْزًى بَعيِد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورده الْجَوْهَرِيُّ: غَدَوْنَ مِنَ الْوَادِي، وَالصَّوَابُ غَدَوْنا. لأَنه يَصِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>