للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ دُرَيْدٍ: والعُدَّةُ مِنَ السِّلَاحِ مَا اعْتَدَدْتَه، خُصَّ بِهِ السِّلَاحُ لَفْظًا فَلَا أَدري أَخصه فِي الْمَعْنَى أَم لَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَبيض بْنَ حَمَّالٍ الْمَازِنِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتدري مَا أَقطعته؟ إِنما أَقطعت لَهُ الماءَ العِدَّ؛ قَالَ: فرَجَعه مِنْهُ

؛ قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: العِدُّ مَوْضِعٌ يَتَّخِذُهُ النَّاسُ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَالْجَمْعُ الأَعْدادُ، ثُمَّ قَالَ: العِدُّ مَا يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ العِدِّ وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ قَالَ الأَصمعي: الْمَاءُ العِدُّ الدَّائِمُ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ وَمَاءِ الْبِئْرِ، وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَزَلُوا أَعْدادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ

أَي ذَوات الْمَادَّةِ كَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ امرأَة حَضَرَتْ ماء عِدّاً بَعْدَ ما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ فِي القَيْظِ فَقَالَ:

دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها ... خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ

اسْتَبْدَلَتْ بِهَا: يَعْنِي مَنَازِلَهَا الَّتِي ظَعَنَتْ عَنْهَا حَاضِرَةً أَعداد الْمِيَاهِ فَخَالَفَتْهَا إِليها الْوَحْشُ وأَقامت فِي مَنَازِلِهَا؛ وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ كَمَا قَالَ:

ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً ... يَدْعُو الأَنِيسَ بِهَا الغَضِيضُ الأَبْكَمُ

وَقِيلَ: العِدُّ مَاءُ الأَرض الغَزِيرُ، وَقِيلَ: العِدُّ مَا نَبَعَ مِنَ الأَرض، والكَرَعُ، مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: العِدُّ الماءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ؛ قَالَ الرَّاعِي:

فِي كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها، ... دَيْمُومَةٍ، مَا بِهَا عِدٌّ وَلَا ثَمَدُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ خَفْضُ دَيْمُومَةٍ لأَنه نَعَتٌ لِغَبْرَاءَ، وَيُرْوَى جَدَّاءَ بَدَلَ غَبْرَاءَ، وَالْجَدَّاءُ: الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّيْمُومَةُ. والعِدُّ: الْقَدِيمَةُ مِنَ الرَّكايا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ العِدِّ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ هَذَا الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْعِبَارَةِ عَنْهُ؛ وَقَالَ بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كَثِيرٌ، تَشْبِيهًا بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ وأَن يَكُونَ العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَوَرَدَتْ عِدّاً مِنَ الأَعْدادِ ... أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ

وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:

أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما ... أَتَتْهُمْ بِهَا الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ

قَالَ أَبو عَدْنَانَ: سأَلت أَبا عُبَيْدَةَ عَنِ الماءِ العِدِّ، فَقَالَ لِي: الماءُ العِدُّ، بِلُغَةِ تَمِيمٍ، الْكَثِيرُ، قَالَ: وَهُوَ بِلُغَةِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الماءُ الْقَلِيلُ. قَالَ: بَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ [كاظِمَةَ]، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ لَمْ يَنْزَحْ قَطُّ، وَقَالَتْ لِي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يُقَالُ: أَمِنَ العِدِّ هَذَا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:

وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا ... وَلَا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ

وَقَالَتْ: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ. وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وَلِي عَلَى عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ

والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخَاطِبُ مِسْكِينًا الدَّارِمِيَّ وَكَانَ قَدْ رَثَى زِيَادَ بْنَ أَبيه فَقَالَ:

أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما ... جَرَى فِي ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>