الأَصمعي: إِلَى الطَّالِعِ مِنْهَا فِي سُلْطَانِهِ، فَتَقُولُ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَوْءُ النَّجْمِ: هُوَ أَوَّل سُقُوطٍ يُدْرِكُه بالغَداة، إِذَا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ، وَذَلِكَ فِي بَيَاضِ الْفَجْرِ المُسْتَطِير. التَّهْذِيبِ: ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذَا سقَطَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثلاثٌ مِنَ أَمْرِ الجاهِليَّةِ: الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَنواءُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ نَجْمًا مَعْرُوفَةَ المَطالِع فِي أزْمِنةِ السَّنَةِ كُلِّهَا مِنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ، يَسْقُطُ مِنْهَا فِي كُلِّ ثلاثَ عَشْرة لَيْلَةً نجمٌ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، ويَطْلُع آخَرُ يُقَابِلُهُ فِي الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ، وَكِلَاهُمَا مَعْلُومٌ مُسَمًّى، وانقضاءُ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ وَعِشْرِينَ كُلِّهَا مَعَ انقضاءِ السَّنَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الأَمر إِلَى النَّجْمِ الأَوّل مَعَ اسْتِئْنَافِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا سَقَطَ مِنْهَا نَجْمٌ وَطَلَعَ آخَرُ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ أَن يَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ أَو رِيَاحٌ، فيَنْسِبُون كلَّ غَيْثٍ يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى ذَلِكَ النَّجْمِ، فَيَقُولُونَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ. والأَنْوَاءُ وَاحِدُهَا نَوْءٌ. قَالَ: وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذَا سَقَط الساقِط مِنْهَا بِالْمَغْرِبِ ناءَ الطَّالِعُ بِالْمَشْرِقِ يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ، وَذَلِكَ النُّهُوض هُوَ النَّوْءُ، فَسُمِّيَ النَّجْمُ بِهِ، وَذَلِكَ كُلُّ نَاهِضٍ بِثِقَلٍ وإبْطَاءٍ، فَإِنَّهُ يَنُوءُ عِنْدَ نُهوضِه، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْءُ السُّقُوطُ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ النَّوْءَ السُّقُوطُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَنُوءُ بِأُخْراها، فَلأْياً قِيامُها؛ ... وتَمْشِي الهُوَيْنَى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
مَعْنَاهُ: أَنَّ أُخْراها، وَهِيَ عَجِيزَتُها، تُنِيئُها إِلَى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لَحْمِهَا فِي أَرْدافِها. قَالَ: وَهَذَا تَحْوِيلٌ لِلْفِعْلِ أَيضاً. وَقِيلَ: أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. قَالَ شَمِرٌ: هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، الَّتِي أَراد أَبو عُبَيْدٍ، هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الفُرْس وَالرُّومِ وَالْهِنْدِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنها ثَمَانِيَةُ وَعِشْرُونَ، يَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلَةٍ مِنْهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ. قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ رأَيتها بِالْهِنْدِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ مُتَرْجَمَةً. قَالَ: وَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيمَا أَخبرني بِهِ ابْنُ الأَعرابي: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، والحُوتُ. قَالَ: وَلَا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بِهَا كُلِّها إِنَّمَا تَذْكُرُ بالأَنْواءِ بَعْضَها، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ فِي أَشعارهم وَكَلَامِهِمْ. وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: لَا يَكُونُ نَوْءٌ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ مَطَر، وَإِلَّا فَلَا نَوْءَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَول الْمَطَرِ: الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُمَا الفَرْغُ المُؤَخَّر ثُمَّ الشَّرَطُ ثُمَّ الثُّرَيَّا ثُمَّ الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وَهِيَ آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي، ثُمَّ الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وَمَا بَيْنَ السِّماكَيْنِ صَيف، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ أَربعين يَوْمًا، ثمَّ الحَمِيمُ، وَهُوَ نَحْوُ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً عِنْدَ طُلُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute