للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَارَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

كَعْبٍ: وَدِدْتُ أَن هَذَا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً

أَي يَصِيرُ،

فَقِيلَ لَهُ: لِمَ ذَلِكَ قَالَ: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ وتَرَكُوا الجماعاتِ.

والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛ وأَعاد فُلَانٌ الصلاةَ يُعِيدها. وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَيت فُلَانًا ما يُبْدِيءُ وَمَا يُعِيدُ أَي مَا يَتَكَلَّمُ ببادئَة وَلَا عائِدَة. وَفُلَانٌ مَا يُعِيدُ وَمَا يُبدئ إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ حِيلَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ، ... وأُخْرى بِنَجْد مَا تُعِيدُ وَمَا تُبْدي

يَقُولُ: لَيْسَ لِما أَنا فِيهِ مِنَ الْوَجْدِ حِيلَةٌ وَلَا جِهَةٌ. والمُعِيدُ: المُطِيقُ للشيءِ يُعاوِدُه؛ قَالَ:

لَا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ ... إِلا المُعِيداتُ بِهِ النَّواهِضُ

وَحَكَى الأَزهري فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: يَعْنِي النُّوقَ الَّتِي اسْتَعَادَتِ النَّهْضَ بالدَّلْوِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُعِيدٌ لِهَذَا الشَّيْءِ أَي مُطِيقٌ لَهُ لأَنه قَدِ اعْتادَه؛ وأَما قَوْلُ الأَخطل:

يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رَآنِي، ... ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ

قَالَ: أَصل المُعيدِ الْجَمَلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَياياءٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَضْرِبُ حَتَّى يَخْلِطَ لَهُ، والمعِيدُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعِيدُ الْجَمَلُ الَّذِي قَدْ ضَرَبَ فِي الإِبل مَرَّاتٍ كأَنه أَعاد ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وَعَادَنِي الشيءُ عَوْداً وَاعْتَادَنِي، انْتابَني. وَاعْتَادَنِي هَمٌّ وحُزْنٌ؛ قَالَ: والاعتِيادُ فِي مَعْنَى التَّعوُّدِ، وَهُوَ مِنَ الْعَادَةِ. يُقَالُ: عَوَّدْتُه فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: مَا يَعتادُ مِنْ نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ وَنَحْوِهِ. وَمَا اعتادَكَ مِنَ الهمِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ عِيدٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

والقَلْبُ يَعْتادُه مِنْ حُبِّها عِيدُ

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ يَمْدَحُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:

أَمْسَى بأَسْماءَ هَذَا القلبُ مَعْمُودَا، ... إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا

كأَنَّني، يومَ أُمْسِي مَا تُكَلِّمُني، ... ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي مَا ليسَ مَوْجُوداً

كأَنَّ أَحْوَرَ مِنْ غِزْلانِ ذِي بَقَرٍ، ... أَهْدَى لَنَا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا

وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَرْوِيهِ شِبْهَ الْعَيْنَيْنِ وَالْجِيدَا، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا، أَراد وَشِبْهَ الْجِيدِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقامه؛ وَقَدْ قِيلَ إِن أَبا عَلِيٍّ صَحَّفَهُ يَقُولُ في مدحها:

سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه ... حِلْماً وعِلْماً، سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَا

أَحْمِدْ بِهِ فِي الْوَرَى الماضِين مِنْ مَلِكٍ، ... وأَنتَ أَصْبَحتَ فِي الباقِينَ مَوْجُوداً

لَا يُعذَلُ الناسُ فِي أَن يَشكُروا مَلِكاً ... أَوْلاهُمُ، فِي الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا

وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: عَادَنِي عِيدي أَي عَادَتِي؛ وأَنشد:

عادَ قَلْبي مِنَ الطويلةِ عِيدُ

أَراد بِالطَّوِيلَةِ رَوْضَةً بالصَّمَّانِ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَميال فِي مِثْلِهَا؛ وأَما قَوْلُ تأَبَّطَ شَرّاً:

يَا عيدُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ وإِيراقِ، ... ومَرِّ طَيْفٍ، عَلَى الأَهوالِ طَرَّاقِ

قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ يَا عِيدُ مَا لَكَ: العِيدُ مَا يَعْتادُه مِنَ الْحُزْنِ والشَّوْق، وَقَوْلُهُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ أَي مَا أَعظمك مِنْ شَوْقٍ، وَيُرْوَى: يَا هَيْدَ مَا لكَ، وَالْمَعْنَى: يَا هَيْدَ مَا حالُك وَمَا شأْنُك. يُقَالُ: أَتى

<<  <  ج: ص:  >  >>