للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُجْلَسُ عَلَيْهِ، وَقَدِ اقْتَعَدَها؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:

رَفَعْنَ حَوَايَا واقْتَعَدْنَ قَعائِداً، ... وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِراقِ المُنَمَّقِ

والقَعِيدَةُ أَيضاً: مِثْلُ الغِرارَةِ يَكُونُ فِيهَا القَدِيدُ والكعكُ، وَجَمْعُهَا قَعائِدُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ صَائِدًا:

لَهُ مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجاتٌ ... قَعائِدُ، قَدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ

وَالضَّمِيرُ فِي كَسْبِهِنَّ يَعُودُ عَلَى سِهَامٍ ذَكَرَهَا قَبْلَ الْبَيْتِ. ومُعَذْلَجاتٌ: مَمْلُوَءَاتٌ. والوشِيقُ: مَا جَفَّ مِنَ اللَّحْمِ وَهُوَ القَدِيدُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:

تُعْجِلُ إِضْجاعَ الجَشِير القاعِدِ

قَالَ: القاعِدُ الجُوالقُ الممتلئُ حَبًّا كأَنه مِنَ امْتِلَائِهِ قَاعِدٌ. والجَشِيرُ: الجُوالِقُ. والقَعِيدَةُ مِنَ الرَّمْلِ: الَّتِي لَيْسَتْ بمُسْتَطِيلة، وَقِيلَ: هِيَ الحبْل اللاطِئُ بالأَرض، وقيل: وهو مَا ارْتَكَم مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: إِذا كَانَ بَيْتٌ مِنَ الشِّعْر فِيهِ زِحافٌ قِيلَ لَهُ مُقْعَدٌ؛ والمُقْعَدُ مِنَ الشِّعْرِ: مَا نَقَصَتْ مِنْ عَرُوضِه قُوَّة، كَقَوْلِهِ:

أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيرٍ ... تَرْجُو النساءُ عَوَاقِبَ الأَطْهارِ؟

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِقواء نُقْصَانُ الْحُرُوفِ مِنَ الْفَاصِلَةِ فَيَنْقُص مِنْ عَرُوضِ الْبَيْتِ قُوَّةٌ، وَكَانَ الْخَلِيلُ يُسَمِّي هَذَا المُقْعَدَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَنِ الْخَلِيلِ وَهَذَا غَيْرُ الزِّحَافِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي الشِّعْرِ وَالزِّحَافُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ قَعَدَ فُلَانٌ يَشْتُمُني بِمَعْنَى طَفِقَ وجَعَل؛ وأَنشد لِبَعْضِ بَنِي عَامِرٍ:

لَا يُقْنِعُ الجارِيَةَ الخِضابُ، ... وَلَا الوِشاحانِ، وَلَا الجِلْبابُ

مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقيَ الأَركابُ، ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعابُ

وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: حَدَّدَ شَفْرَتَه حَتَّى قَعدتْ كأَنها حَربَةٌ أَي صَارَتْ. وَقَالَ: ثَوْبَكَ لَا تَقْعُدُ تَطِيرُ بِهِ الريحُ أَي لَا تَصِيرُ الريحُ طَائِرَةً بِهِ، وَنَصَبَ ثَوْبَكَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي احْفَظْ ثَوْبَكَ. وَقَالَ: قَعَدَ لَا يَسْأْلُه أَحَدٌ حَاجَةً إِلا قَضَاهَا وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ فإِن عَنَى بِهِ صَارَ فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهَا هَذِهِ النَّظَائِرُ وَاسْتَغْنَى بِتَفْسِيرِ تِلْكَ النَّظَائِرِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ، وإِن كَانَ عَنَى الْقُعُودَ فَلَا مَعْنَى لَهُ لأَن الْقُعُودَ لَيْسَتْ حَالٌ أَولى بِهِ مِنْ حَالٍ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ قَعَدَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحد إِلا يسبه، وقعد لَا يسأَله سَائِلٌ إِلا حَرَمَهُ؟ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُخْبَرُ بِهِ مِنْ أَحوال الْقَاعِدِ، وإِنما هُوَ كَقَوْلِكَ: قَامَ لَا يُسأَلُ حاجَةً إِلا قَضَاهَا. وقَعِيدَكَ اللهَ لَا أَفعلُ ذَلِكَ وقِعْدَك [قَعْدَك]؛ قَالَ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ:

قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعيني مَلامَةً، ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفؤَادِ فَيِيجَعَا

وَقِيلَ: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعيدَكَ اللهَ أَي كأَنه قاعدٌ مَعَكَ يَحْفَظُ عَلَيْكَ قَوْلَكَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ قِعْدكَ اللَّهَ أَي اللهُ مَعَكَ؛ قَالَ وأَنشد غَيْرُهُ عَنْ قُرَيْبَةَ الأَعرابية:

قَعِيدَكِ عَمْرَ اللَّهِ، يَا بِنْتَ مالِكٍ، ... أَلم تَعْلَمِينا نِعْمَ مَأْوى المُعَصِّبِ

قَالَ: وَلَمْ أَسمع بَيْتًا اجْتَمَعَ فِيهِ العَمْرُ والقَعِيدُ إِلا هَذَا. وَقَالَ ثعلب: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعِيدَكَ اللهَ أَي نَشَدْتُكَ اللهَ. وَقَالَ: إِذا قُلْتَ قَعِيدَكُما اللَّهَ جاءَ مَعَهُ الِاسْتِفْهَامُ وَالْيَمِينُ، فَالِاسْتِفْهَامُ كَقَوْلِهِ: قَعِيدَكما اللهَ أَلم يَكُنْ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>