للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَيُصَدِّقُهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:

وهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسلَحِبّاً، ... وهُمْ شغَلوه عَنْ شُرْبِ المَقَدِّ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُنشد بِغَيْرِ يَاءٍ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد المَقَدّي فَحَذَفَ الْيَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ المَقَدي مُخَفَّفًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مُشَدَّدَ الدَّالِ، رَوَاهُ ابْنُ الأَنباري وَاسْتَشْهَدَ عَلَى صِحَّتِهِ بِبَيْتِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، حَكَى ذَلِكَ عَنْ أَبيه عَنْ أَحمد بْنِ عُبَيْدِ، وأَن المَقَدِّيّ مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدّ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِدِمَشْق فِي الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى الغَوْر؛ وَقَالَ أَبو الطَّيِّبِ اللُّغَوِيُّ: هُوَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ لَا غَيْرُ مَنْسُوبٌ إِلى مَقَد؛ قَالَ: وإِنما شَدَّدَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ: وَكَذَا يَقْتَضِي أَن يَكُونَ عِنْدَهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ الرِّقَاعِ فِي تَشْدِيدِ الدَّالِ أَنه لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ:

فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ، لَعِبَتْ بِهِ ... عُقارٌ، ثَوَتْ فِي سِجْنِها حِجَجاً تِسْعَا

مَقَدِّيَّةٌ صَهْباءُ باكَرْتُ شُرْبَها، ... إِذا مَا أَرادُوا أَن يَرُوحوا بِهَا صَرْعَى

قَالَ: وَالَّذِي يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِ أَبي الطَّيِّبِ أَنها مَنْسُوبَةٌ إِلى مَقَدٍ، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلُ الأَحوص:

كأَنَّ مُدامَةً مِمَّا ... حَوَى الحانُوتُ مِنْ مَقَدِ،

يُصَفَّقُ صَفْوُها بالمِسْكِ ... والكافُورِ والشَّهَدِ

قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَجِيِّ:

كأَنَّ عُقاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً، ... أَبى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خادِعُ

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:

مَقَدِيّاً أَحَلَّه اللَّهُ لِلنَّاسِ

قَالَ: زَعَمَ قَائِلُ هَذَا الْبَيْتِ أَنّ المَقَدِيَّة شَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ كَانَتِ الْخُلَفَاءُ مَنْ بَنِي أُمَيَّة تَشْرَبُهُ. والمَقَدِيّ: ضَرْبٌ من الثياب.

مكد: مَكَدَ بِالْمَكَانِ يَمْكُدُ مُكُوداً: أَقام بِهِ؛ وثَكَمَ يَثْكُم مِثْلُهُ، ورَكَدَ رُكوداً. وماءٌ ماكِدٌ: دائمٌ؛ قَالَ:

وماكِد تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِهِ، ... يَضْفُو ويُبْدِي تارَةً عَنْ قَعْرِهِ

تَمْأَدُه: تأْخذه فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. ويَضْفُو: يَفِيضُ ويُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ أَي يُبْدِي لَكَ قَعْرَهُ مِنْ صَفَائِهِ. اللَّيْثُ: مَكَدَتِ الناقةُ إِذا نقصَ لبنُها مِنْ طُولِ الْعَهْدِ؛ وأَنشد:

قَدْ حارَدَ الخُورُ وَمَا تُحاردُ، ... حَتَّى الجِلادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ

وَنَاقَةٌ مَكُودٌ وَمَكْداءُ إِذا ثبت غُزرُها وَلَمْ يَنْقص مِثْلَ نَكْداءَ. وناقةٌ ماكِدةٌ ومَكُودٌ: دَائِمَةُ الغُزْر، وَالْجَمْعُ مُكُدٌ؛ وإِبِل مَكائِدُ؛ وأَنشد:

إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدَّائِمُ، ... فاعْمِدْ بَراعِيسَ، أَبُوها الرَّاهِمُ

وَنَاقَةٌ بِرْعِيسٌ إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ؛ وإِنما اعْتَبَرَ اللَّيْثُ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

حَتَّى الجِلادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ

فظنَّ أَنه بِمَعْنَى النَّاقِصِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالْمَعْنَى حَتَّى الجِلاد اللَّوَاتِي دَرُّهُنَّ مَاكِدٌ أَي دَائِمٌ قَدْ حارَدْن أَيضاً. والجِلادُ: أَدْسَمُ الإِبل لَبَنًا فَلَيْسَتْ فِي الْغَزَارَةِ كالخُورِ وَلَكِنَّهَا دَائِمَةُ الدُّرِّ، وَاحِدَتُهَا جَلْدَةٌ، والخُور

<<  <  ج: ص:  >  >>