وَعُلِّقَ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى تَضْرِبَهُ الرِّيحُ عَذُبَ وَطَابَ. وَفِي أَعْراضِ مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِيهَا نَخْلٌ كَثِيرٌ يُقَالُ لَهَا حَنَذ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِبَعْضِ الرُّجَّاز يَصِفُ النَّخْلَ وأَنه بِحِذَاءِ حَنَذ ويتأَبر مِنْهُ دُونَ أَن يُؤَبِّرَ، فَقَالَ:
تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسيلِ، ... تَأَبَّري مِنْ حَنَذٍ فَشُولي،
إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخلِ بالفُحول
وَمَعْنَى تَأَبَّرِي أَي تلقَّحي، وإِن لَمْ تُؤبَّري بِرَائِحَةِ حِرْقِ فَحاحِيلِ حَنَذ، وَذَلِكَ أَن النَّخْلَ إِذا كَانَ بِحِذَاءِ حَائِطٍ فِيهِ فُحَّالٌ مِمَّا يَلِي الْجَنُوبَ فإِنها تُؤَبَّرُ بِرَوَائِحِهَا وإِن لَمْ تُؤَبِّرْ؛ وَقَوْلُهُ فَشُولِي شَبَّهَهَا بِالنَّاقَةِ الَّتِي تُلْقَحُ فَتَشُول ذَنَبَهَا أَي تَرْفَعُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأُحَيْحَة بْنِ الجُلاحِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى تأَبري مِنْ روائح هذا النخل إِذا ضَنَّ أَهل النَّخْلِ بِالْفُحُولِ الَّتِي يُؤَبَّرُ بِهَا، وَمَعْنَى شُولِي ارْفَعِي مِنْ قَوْلِهِمْ شَالَتِ النَّاقَةُ بِذَنْبِهَا إِذا رَفَعَتْهُ لِلِّقَاحِ. وحَنّاذٌ: اسْمٌ.
حوذ: حاذَ يَحُوذ حَوْذاً كَحَاطَ حَوْطاً، والحَوْذُ: الطَّلْقُ. والحَوْذُ والإِحْواذُ: السيرُ الشَّدِيدُ. وَحَاذَ إِبله يَحُوذُهَا حَوْذاً: سَاقَهَا سَوْقًا شَدِيدًا كَحَازَهَا حَوْزًا؛ وَرُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذيُ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بأَن مَعْنَى قَوْلِهِ حُوذِيٌّ امْتِنَاعٌ فِي نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا إِلا هَاهُنَا، وَالْمَعْرُوفُ:
يَحُوزُهُنَّ وَلَهُ حُوزِيُّ
وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
فَمَنْ فَرَّغَ لَهَا قَلْبَهُ وَحَاذَ عَلَيْهَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ
أَي حَافِظٌ عَلَيْهَا، مِنْ حَاذَ الإِبل يَحُوذُهَا إِذا حَازَهَا وَجَمَعَهَا لِيَسُوقَهَا. وطَرَدٌ أَحْوَذُ: سَرِيعٌ؛ قَالَ بَخْدَجٌ:
لَاقَى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وَشَلًا للأَعادي مِشْقَذا،
وطَرَداً طَرْدَ النَّعَامِ أَحْوَذا
وأَحْوَذَ السيرَ: سَارَ سَيْرًا شَدِيدًا. والأَحْوَذِيُّ: السَّرِيعُ فِي كُلِّ مَا أَخَذَ فِيهِ، وأَصله فِي السَّفَرِ. والحَوْذُ: السَّوْقُ السَّرِيعُ، يُقَالُ: حُذْت الإِبل أَحُوذُها حَوْذاً وأَحْوَذْتها مِثْلُهُ. والأَحْوَذِيّ: الْخَفِيفُ فِي الشَّيْءِ بحذفه؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَقَالَ يَصِفُ جَنَاحَيْ قَطَاةٍ:
عَلَى أَحْوَذِيَّينِ اسْتَقَلّتْ عَلَيْهِمَا، ... فَمَا هِيَ إِلا لَمْحَة فَتَغيب
وقال آخر:
أَتَتْكَ عَبْسٌ تَحْمِل المَشِيَّا، ... مَاءً مِنَ الطَّثْرَةِ أَحْوَذيَّا
يَعْنِي سَرِيعَ الإِسهال. والأَحْوَذيّ: الَّذِي يَسِيرُ مَسِيرَةَ عَشْرٍ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ وأَنشد:
لَقَدْ أَكونُ عَلَى الحاجاتِ ذَا لَبَثِ، ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انضمَّ الذّعالِيبُ
قَالَ: انْضِمَامُهَا انْطِوَاءُ بَدَنِهَا، وَهِيَ إِذا انْضَمَّتْ فَهِيَ أَسرع لَهَا. قَالَ: وَالذَّعَالِيبُ أَيضاً ذُيُولُ الثِّيَابِ. وَيُقَالُ: أَحْوَذَ ذَاكَ إِذا جَمَعَهُ وَضَمَّهُ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتَحْوَذَ عَلَى كَذَا إِذا حَوَاهُ. وأَحْوَذ ثَوْبَهُ: ضَمَّهُ إِليه؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ حِمَارًا وأُتناً:
إِذا اجْتَمَعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها ... وأَوردَهَا عَلَى عُوجٍ طِوال