وَلَمْ تَرْمِ ابنَ دارَةَ عَنْ تمِيم، ... غَداةَ تَرَكْته رَبِذَ العِنانِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ خَالِيًا مِنَ الهِجاء؛ يَقُولُ: إِنما عَمَلُكَ أَن تَبْكِيَ فِي الدِّيَارِ وَلَا تَذُبَّ عَنْ نَفْسِكَ. أَبو سَعِيدٍ: لِثة رَبِذَة قَلِيلَةُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
تَخَلْهُ فِلَسْطِيّاً إِذا ذُقْتَ طَعْمَهُ ... عَلَى رَبَذاتِ النِّيِّ، حُمْشٌ لِثاتها
قَالَ: النِّيُّ اللَّحْمُ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: ربَذاتِ النِّيّ: مِنَ الرُّبْذَةِ وَهِيَ السَّوَادُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: النِّيُّ الشَّحْمُ مِنْ نَوَتِ النَّاقَةُ إِذا سَمِنت. قَالَ: والنِّيءُ، بِالْهَمْزِ، اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يُنْضَجْ؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَفَرَسٌ رَبِذٌ: سَرِيعٌ. وَفُلَانٌ ذُو رَبِذاتٍ أَي كَثِيرُ السَّقَطِ فِي كَلَامِهِ. والرَّبَذَةُ: قَرْيَةٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَوْضِعٌ بِهِ قَبْرُ أَبي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّبَذِيّ الْوَتَرُ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُصنع بالرَّبَذَةِ؛ قَالَ: والأَصل مَا عُمِلَ بِهَا؛ وأَنشد لِعُبَيْدِ بْنِ أَيوب وَهُوَ مِنْ لُصُوصِ الْعَرَبِ:
أَلم تَرَني حالفتُ صَفْراءَ نَبْعَةً، ... لَهَا رَبَذِيٌّ لَمْ تُفَلَّلْ مَعابِلُه؟
والرَّبَذِيَّةُ: الأَصبحِيَّة مِنَ السِّياط. وأَرْبَذَ الرجلُ إِذا اتَّخَذَ السِّياط الرَّبَذِية؛ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سَوْطٌ ذُو رُبَذٍ، وَهِيَ سُيُورٌ عِنْدَ مقدّم جلد السوط.
رذذ: الرَّذاذ، الْمَطَرُ، وَقِيلَ: السَّاكِنُ الدَّائِمُ الصِّغَارُ الْقَطْرِ كأَنه غُبَارٌ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ الطَّلِّ. قَالَ الأَصمعي: أَخف الْمَطَرِ وأَضعفه الطَّلُّ ثُمَّ الرَّذاذُ، والرَّذاذُ فَوْقَ القِطْقِطِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ هَفْتَ القِطْقِطِ المنثورِ، ... بَعْدَ رَذَاذ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ،
عَلَى قَرَاهُ فِلَقُ الشُّذُورِ
فَجَعَلَ الرَّذَاذَ لِلدِّيمَةِ، وَاحِدَتُهُ رَذَاذَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَصاب أَصحاب مُحَمَّدٍ يَوْمَ بَدْرٍ إِلا رَذاذٌ لَبَّد لَهُمُ الأَرض
؛ الرَّذَاذُ: أَقل الْمَطَرِ، قِيلَ: هُوَ كَالْغُبَارِ؛ وأَما قَوْلُ بَخْدَجٌ يَهْجُو أَبا نُخَيْلَةَ:
لَاقَى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وشَلًّا للأَعادي مِشْقَذَا
وقافِياتٍ عارماتٍ شُمَّذَا، ... مِنْ هاطِلاتٍ وَابِلًا ورَذَذَا
فإِنه أَراد رَذَاذًا فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
مَنَازِلُ الْحَيِّ تُعْفِي الطِّلَل
أَراد الطِّلالَ فَحُذِفَ، وَشَبَّهَ بَخْدَجٌ شِعْرَهُ بِالرَّذَاذِ فِي أَنه لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ، لَا أَنه عَنَى بِهِ الضَّعِيفَ بَلْ يَشْتَدُّ مَرَّةً فَيَكُونُ كَالْوَابِلِ، وَيَسْكُنُ مَرَّةً فَيَكُونُ كَالرَّذَاذِ الَّذِي هُوَ دَائِمٌ سَاكِنٌ. ويومٌ مُرِذٌّ وَقَدْ أَرَذَّت السَّمَاءُ وأَرض مُرَذٌّ عَلَيْهَا ومُرَذَّةٌ ومَرْذوذَةٌ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقَدْ أَرَذَّتْ، فَهِيَ تُرِذُّ إِرْذَاذاً ورَذَاذاً، وأَرَذَّتِ العينُ بِمَائِهَا وأَرَذَّ السِّقاءُ إِرْذَاذاً إِذا سَالَ مَا فِيهِ. وأَرَذَّتِ الشَّجَّةُ إِذا سَالَتْ؛ وَكُلُّ سَائِلٍ: مُرذٌّ. قَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ أَرض مُرَذَّة وَلَا مَرْذُوذَةٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ: أَرض مُرَذٌّ عَلَيْهَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَرض مُرَذَّةٌ ومَطْلُولَةٌ. الأُموي: يَوْمٌ مُرِذ وَذُو رَذاذٍ.