للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالنَّبِيذَةُ وَالْمَنْبُوذَةُ: الَّتِي لَا تُؤْكَلُ مِنَ الْهُزَالِ، شَاةً كَانَتْ أَو غَيْرَهَا، وَذَلِكَ لأَنها تُنْبَذُ. وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ الَّتِي يُهْمِلُهَا أَهلوها: نَبِيذَةٌ. وَيُقَالُ لِمَا يُنْبَثُ مِنْ تُرَابِ الْحُفْرَةِ: نَبِيثَةٌ وَنَبِيذَةٌ، وَالْجَمْعُ النَّبَائِثُ وَالنَّبَائِذُ. وَجَلَسَ نَبْذةً ونُبْذَةً أَي نَاحِيَةً. وَانْتَبَذَ عَنْ قَوْمِهِ: تَنَحَّى. وَانْتَبَذَ فُلَانٌ إِلى نَاحِيَةٍ أَي تَنَحَّى نَاحِيَةً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مريم: انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا

. وَالْمُنْتَبِذُ: الْمُتَنَحِّي نَاحِيَةً؛ قَالَ لَبِيَدٌ:

يَجْتابُ أَصْلًا قَالِصًا، مُتَنَبّذاً ... بِعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيَامُها «٢»

وَانْتَبَذَ فُلَانٌ أَي ذَهَبَ نَاحِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَرَّ بِقَبْرٍ مُنْتَبِذ عَنِ الْقُبُورِ

أَي مُنْفَرِدٍ بَعِيدٍ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

انْتَهَى إِلى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ

؛ يُرْوَى بِتَنْوِينِ الْقَبْرِ وبالإِضافة، فَمَعَ التَّنْوِينِ هُوَ بِمَعْنَى الأَول، وَمَعَ الإِضافة يَكُونُ الْمَنْبُوذُ اللَّقِيطَ أَي بِقَبْرِ إِنسان مَنْبُوذٍ رَمَتْهُ أُمّه عَلَى الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:

تَلِدُهُ أُمّه وَهِيَ مَنْبُوذة فِي قَبْرِهَا

أَي مُلْقاة. وَالْمُنَابَذَةُ وَالِانْتِبَاذُ: تَحَيُّزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْحَرْبِ. وَقَدْ نَابَذَهُمُ الحربَ ونَبَذَ إِليهم عَلَى سَوَاءٍ يَنْبِذ أَي نَابَذَهُمُ الْحَرْبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ

؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَلَى سَوَاءٍ أَي عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. وَنَابَذَهُ الْحَرْبَ: كَاشَفَهُ. والمُنابذة: انْتِبَاذُ الْفَرِيقَيْنِ لِلْحَقِّ؛ تَقُولُ: نَابَذْنَاهُمُ الْحَرْبَ وَنَبَذْنَا إِليهم الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمُنَابَذَةُ أَن يَكُونَ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَهْدٌ وَهُدْنَةٌ بَعْدَ الْقِتَالِ، ثُمَّ أَرادا نَقْضَ ذَلِكَ الْعَهْدِ فَيَنْبِذُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ الْعَهْدَ الَّذِي تَهَادَنَا عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ

؛ الْمَعْنَى: إِن كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ قَوْمٍ هُدْنَةٌ فَخِفْتَ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَلَا تُبَادِرُ إِلى النَّقْضِ حَتَّى تُلْقِيَ إِليهم أَنك قَدْ نَقَضْتَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَيَكُونُوا مَعَكَ فِي عِلْمِ النَّقْضِ وَالْعَوْدِ إِلى الْحَرْبِ مُسْتَوِينَ. وَفِي حَدِيثِ

سَلْمَانَ: وإِن أَبيتم نَابَذْنَاكُمْ عَلَى سَوَاءٍ

أَيْ كَاشَفْنَاكُمْ وَقَاتَلْنَاكُمْ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ مُسْتَوْفِي الْعِلْمَ بِالْمُنَابَذَةِ مِنَّا وَمِنْكُمْ بأَن نُظْهِرَ لَهُمُ الْعَزْمَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَنُخْبِرَهُمْ بِهِ إِخباراً مَكْشُوفًا. وَالنَّبْذُ: يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فِي الأَجسام وَالْمَعَانِي؛ وَمِنْهُ نَبَذَ الْعَهْدَ إِذا نَقَضَهُ وأَلقاه إِلى مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنِهِ. وَالْمُنَابَذَةُ فِي التَّجْر: أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: انْبِذ إِليّ الثَّوْبَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْمَتَاعِ أَو أَنبذه إِليك فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بِكَذَا وَكَذَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُنَابَذَةُ أَن تَرْمِيَ إِليه بِالثَّوْبِ وَيَرْمِيَ إِليك بِمِثْلِهِ؛ وَالْمُنَابَذَةُ أَيضاً: أَن يَرْمِيَ إِليك بِحَصَاةٍ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْمُلَامَسَةِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُنَابَذَةُ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ انْبِذْ إِليّ الثَّوْبَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْمَتَاعِ أَو أَنبذه إِليك وَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَيُقَالُ إِنما هِيَ أَن تَقُولَ إِذا نَبَذْتُ الْحَصَاةَ إِليك فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ؛ وَمِمَّا يُحَقِّقُهُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ

فَيَكُونُ الْبَيْعُ مُعَاطَاةً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا يَصِحُّ. وَنَبِيذَةُ الْبِئْرِ: نَبِيثَتُها، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الذَّالَ بَدَلٌ مِنَ الثاءِ. والنَّبْذ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ، وَالْجَمْعُ أَنباذ. وَيُقَالُ: فِي هَذَا العِذْق نَبْذٌ قَلِيلٌ مِنَ الرُّطَب ووخْرٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ أَن يُرْطب فِي الْخَطِيئَةِ «٣» بَعْدَ الْخَطِيئَةِ. ويقال:


(٢). قوله [متنبذاً] هكذا بالأصل الذي بأيدينا، وهو كذلك في عدة من نسخ الصحاح المعتمدة في مواضع منه وهو لا يناسب المستشهد عليه، وهو قوله: والمنتبذ المتنحي إلخ، فلعله محرف عن المتنبذ وهو كذلك في شرح القاموس.
(٣). قوله [أَنْ يُرْطِبَ فِي الْخَطِيئَةِ] أَي أن يقع أرطابه أي العذق في الجماعة القائمة من شماريخه أَو بلحه فإن الخطيئة الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>