للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَظَائِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَصل فِيهَا مُؤْمَرَةٌ عَلَى مُفْعَلَةٍ، كَمَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

ارْجِعْنَ مَأْزُورات غَيْرَ مَأْجورات

؛ وإِنما هُوَ مَوْزُورات مِنَ الوِزْرِ فَقِيلَ مأْزورات عَلَى لَفْظِ مأْجورات لِيَزْدَوِجا. وقال أَبو زَيْدٍ: مُهْرَةٌ مأْمورة هِيَ الَّتِي كَثُرَ نَسْلُهَا؛ يَقُولُونَ: أَمَرَ اللهُ المُهْرَةَ أَي كثَّرَ وَلَدَها. وأَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قَالَ الأَعشى:

طَرِفُونَ ولَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ، ... أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ

وَيُقَالُ: أَمَرَهم اللَّهُ فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، وَفِيهِ لُغَتَانِ: أَمَرَها فَهِيَ مأْمُورَة، وآمَرَها فَهِيَ مُؤْمَرَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي سُفْيَانَ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ وارْتَفَعَ شَأْنُه

؛ يَعْنِي النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: مَا لِي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأْمَرَنَ

أَي يَزِيدُ عَلَى مَا تَرَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ

أَي كَثُرُوا. وأَمِرَ الرجلُ، فَهُوَ أَمِرٌ: كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ. وآمَره اللَّهُ: كَثَّرَ نَسْلَه وماشيتَه، وَلَا يُقَالُ أَمَرَه؛ فأَما قَوْلُهُ: ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فَعَلَى مَا قَدْ أُنِسَ بِهِ مِنَ الإِتباع، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: آمَرَه وأَمَرَه لُغَتَانِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: آمَرْتُهُ، بِالْمَدِّ، وأَمَرْتُه لُغَتَانِ بِمَعْنَى كَثَّرْتُه. وأَمِرَ هُوَ أَي كَثُرَ فَخُرِّجَ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ عَلِمَ فُلَانٌ وأَعلمته أَنا ذَلِكَ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَمْ يَقُلْهُ أَحد غَيْرُهُ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: أَمِرَ مالُه، بِالْكَسْرِ، أَي كَثُرَ. وأَمِرَ بَنُو فُلَانٍ إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. وَرَجُلٌ أَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدِ ائتُمِرَ بِخَيْرٍ: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ بِهِ فَقَبِلَه. وتأَمَّروا عَلَى الأَمْرِ وائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي يَتَشَاوَرُونَ عَلَيْكَ لِيَقْتُلُوكَ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:

أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ

قَالَ غَيْرُهُ: وَهَذَا الشِّعْرُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ. والخَمِرُ: الَّذِي قَدْ خَالَطَهُ داءٌ أَو حُبٌّ. وَيَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ رَشَدٍ عَدَا عَلَيْهِ فأَهلكه. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَذَا غَلَطٌ، كَيْفَ يَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا شَاوَرَ فِيهِ وَالْمُشَاوَرَةُ بَرَكَةٌ، وإِنما أَراد يَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يَهُمُّ بِهِ مِنَ الشَّرِّ. قَالَ وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ

؛ أَي يَهُمون بِكَ؛ وأَنشد:

اعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ ... مُخْطِئٌ فِي الرَّأْي، أَحْيَانَا

قَالَ: يَقُولُ مَنْ رَكِبَ أَمْراً بِغَيْرِ مَشُورة أَخْطأَ أَحياناً. قَالَ وَقَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ أَي هُمُّوا بِهِ واعْتَزِمُوا عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ لَقَالَ: يَتَأَمَّرُونَ بِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: يَأْتَمِرُونَ بِكَ

؛ يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ائْتَمَرَ القومُ وتآمَرُوا إِذا أَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَمَا يُقَالُ اقْتَتَلَ الْقَوْمُ وَتَقَاتَلُوا وَاخْتَصَمُوا وَتَخَاصَمُوا، وَمَعْنَى يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ وَفِي قَتْلِكَ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ ائْتَمَرَ فُلَانٌ رَأْيَهُ إِذا شَاوَرَ عَقْلَهُ فِي الصَّوَابِ الَّذِي يأْتيه، وَقَدْ يُصِيبُ الَّذِي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة ويخطئُ أُخرى. قَالَ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيكَ أَي فِي قَتْلِكَ أَحسن مِنْ قَوْلِ الْقُتَيْبِيِّ إِنه بِمَعْنَى يَهُمُّونَ بِكَ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ فَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم بَعْضًا بِمَعْرُوفٍ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:

اعْلَمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>