للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

وتَذَكَّرْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إِذْ أَشْرَفَ ... يَوْمًا، وللْهُدَى تَذْكِيرُ

سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْلِكُ، ... والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ

أَراد بِالْبَحْرِ هَاهُنَا الْفُرَاتَ لأَن رَبَّ الْخَوَرْنَقِ كَانَ يشرِفُ عَلَى الْفُرَاتِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ ... صَوادِي العَرائِبِ، لَمْ تُضْرَبِ

وَقَدْ أَجمع أَهل اللُّغَةِ أَن اليَمَّ هُوَ الْبَحْرُ. وجاءَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ؛ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ: هُوَ نِيلُ مِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ سِيدَهْ: وأَبْحَرَ الماءُ صَارَ مِلْحاً؛ قَالَ: وَالنَّسَبُ إِلى الْبَحْرِ بَحْرانيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ الْخَلِيلُ: كأَنهم بَنَوُا الِاسْمَ عَلَى فَعْلان. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: شَرْطِي فِي هَذَا الْكِتَابِ أَن أَذكر مَا قَالَهُ مُصَنِّفُو الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ عَيَّنْتُهُمْ فِي خُطْبَتِهِ، لَكِنَّ هَذِهِ نُكْتَةٌ لَمْ يَسَعْنِي إِهمالها. قَالَ السُّهَيْلِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ ابْنُ سِيدَهْ فِي كِتَابِ الْمُحْكَمِ أَن الْعَرَبَ تَنْسُبُ إِلى الْبَحْرِ بَحْرانيّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وإِنه مِنْ شَوَاذِّ النِّسَبِ، وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلَ إِلى سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ قَطُّ، وإِنما قَالَ فِي شَوَاذِّ النِّسَبِ: تَقُولُ فِي بَهْرَاءَ بَهْرَانِيٌّ وَفِي صَنْعَاءَ صَنْعَانِيٌّ، كَمَا تَقُولُ بَحْرَانِيٌّ فِي النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِينِ الَّتِي هِيَ مَدِينَةٌ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا تلقَّاه جَمِيعُ النُّحَاةِ وتأَوَّلوه مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وإِنما اشْتَبَهَ عَلَى ابْنِ سِيدَهْ لِقَوْلِ الْخَلِيلِ فِي هَذِهِ المسأَلة أَعني مسأَلة النِّسَبِ إِلى الْبَحْرِينِ، كأَنهم بَنَوُا الْبَحْرَ عَلَى بَحْرَانَ، وإِنما أَراد لَفْظَ الْبَحْرِينِ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: تَقُولُ بَحْرَانِيٌّ في النسب إِلى البحرين، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّسَبَ إِلى الْبَحْرِ أَصلًا، لِلْعِلْمِ بِهِ وأَنه عَلَى قِيَاسٍ جَارٍ. قَالَ: وَفِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ عَنِ الزَّيْدِيِّ أَنه قَالَ: إِنما قَالُوا بَحْرانيٌّ فِي النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يَقُولُوا بَحْرِيٌّ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِ. قَالَ: وَمَا زَالَ ابْنُ سِيدَهْ يَعْثَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ عَثَرَاتٍ يَدْمَى مِنْهَا الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تُخْرِجُهُ إِلى سَبِيلِ مَنْ ضَلَّ، أَلا تَرَاهُ قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَذَكَرَ بُحَيْرَة طَبَرَيَّة فَقَالَ: هِيَ مِنْ أَعلام خُرُوجِ الدَّجَّالِ وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَالْحَدِيثُ إِنما جَاءَ فِي غَوْرِ زُغَرَ، وإِنما ذُكِرَتْ طَبَرِيَّةُ فِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج وأَنهم يَشْرَبُونَ مَاءَهَا؛ قَالَ: وَقَالَ فِي الجِمَار فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنما هِيَ الَّتِي تُرْمَى بِعَرَفَةَ وَهَذِهِ هَفْوَةٌ لَا تُقَالُ، وَعَثْرَةٌ لَا لَعاً لَهَا؛ قَالَ: وَكَمْ لَهُ مِنْ هَذَا إِذا تَكَلَّمَ فِي النِّسَبِ وَغَيْرِهِ. هَذَا آخِرُ مَا رأَيته مَنْقُولًا عَنِ السُّهَيْلِيِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ نَهْرٍ عَظِيمٍ بَحْرٌ. الزَّجَّاجُ: وَكُلُّ نَهْرٍ لَا يَنْقَطِعُ ماؤُه، فَهُوَ بَحْرٌ. قَالَ الأَزهري: كُلُّ نَهْرٍ لَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ مِثْلُ دِجْلَةَ والنِّيل وَمَا أَشبههما مِنَ الأَنهار الْعَذْبَةِ الْكِبَارِ، فَهُوَ بَحْرٌ. وأَما الْبَحْرُ الْكَبِيرُ الَّذِي هُوَ مَغِيضُ هَذِهِ الأَنهار فَلَا يَكُونُ ماؤُه إِلَّا مِلْحًا أُجاجاً، وَلَا يَكُونُ مَاؤُهُ إِلَّا رَاكِدًا؛ وأَما هَذِهِ الأَنهار الْعَذْبَةُ فماؤُها جَارٍ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الأَنهار بِحَارًا لأَنها مَشْقُوقَةٌ فِي الأَرض شَقًّا. وَيُسَمَّى الْفَرَسُ الْوَاسِعُ الجَرْي بَحْراً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي طَلْحَةَ وَقَدْ رَكِبَهُ عُرْياً: إِني وَجَدْتُهُ بَحْراً أَي وَاسِعَ الجَرْي؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْجَوَادُ إِنه لَبَحْرٌ لَا يُنْكَش حُضْرُه. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَتٌّ إِذا كَانَ جَوَادًا كثيرَ العَدْوِ وَفِي الْحَدِيثِ: أَبَى ذَلِكَ البَحرُ ابنُ عَبَّاسٍ؛ سُمِّيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>