وَحَكَى الزمَخْشري بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وَهِيَ الَّتِي صُرِمَتْ أُذنها أَي قُطِعَتْ. واسْتَبْحَرَ الرَّجُلُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَالِ وتَبَحَّرَ: اتَّسَعَ وَكَثُرَ مَالُهُ. وتَبَحَّرَ فِي الْعِلْمِ: اتَّسَعَ. واسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ فِي القولِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو الْمَدِيحُ، ... وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنُ المادِحَهْ
وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ باحَر
، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ. وتَبَحَّر الرَّاعِي فِي رعْيٍ كَثِيرٍ: اتَّسَعَ، وكلُّه مِنَ البَحْرِ لِسِعَتِهِ. وبَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى الْبَحْرَ فَفَرِقَ حَتَّى دَهِشَ، وَكَذَلِكَ بَرِقَ إِذا رأَى سَنا البَرْقِ فَتَحَيَّرَ، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، وَمِثْلُهُ خَرِقَ وعَقِرَ. ابْنُ سِيدَهْ: أَبْحَرَ القومُ رَكِبُوا البَحْرَ. وَيُقَالُ للبَحْرِ الصَّغِيرِ: بُحَيْرَةٌ كأَنهم تَوَهَّمُوا بَحْرَةً وإِلا فَلَا وَجْهَ لِلْهَاءِ، وأَما البُحَيْرَةُ الَّتِي فِي طَبَرِيَّةَ وَفِي الأَزهري الَّتِي بِالطَّبَرِيَّةِ فإِنها بَحْرٌ عَظِيمٌ نَحْوَ عَشَرَةِ أَميال فِي سِتَّةِ أَميال وغَوْرُ مَائِهَا، وأَنه»
. عَلَامَةٌ لِخُرُوجِ الدَّجَّالِ تَيْبَس حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةُ مَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ: يَا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هُوَ البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنما هُوَ الْهَلَاكُ أَو تَرَى الْفَجْرَ، شَبَّهَ اللَّيْلَ بِالْبَحْرِ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنما هُوَ الفَجْرُ أَو البَجْرُ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَالَ: مَعْنَاهُ إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ أَبصرت الطريق، وإِن خبطت الظلماء أَفضت بِكَ إِلى الْمَكْرُوهِ. قَالَ: وَيُرْوَى الْبَحْرُ، بِالْحَاءِ، يُرِيدُ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا شَبَّهَهَا بِالْبَحْرِ لِتَحَيُّرِ أَهلها فِيهَا. والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ الْمَعْرُوفُ. وفَرسٌ بَحْرٌ: كَثِيرُ العَدوِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْبَحْرِ. والبَحْرُ: الرِّيفُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عَلِيٍّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ لأَن الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَسَادٌ وَلَا صَلَاحٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَجدب الْبَرُّ وَانْقَطَعَتْ مَادَّةُ الْبَحْرِ بِذُنُوبِهِمْ، كَانَ ذَلِكَ لِيَذُوقُوا الشدَّة بِذُنُوبِهِمْ فِي الْعَاجِلِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الْجَدْبُ فِي الْبِرِّ وَالْقَحْطُ في مُدُنِ الْبَحْرِ الَّتِي عَلَى الأَنهار؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ، ... مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْني بالبُحَيْرِ الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ الرِّيفُ فَصَغَّرَهُ لِلْوَزْنِ وَإِقَامَةِ الْقَافِيَةِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَصَدَ البُحَيْرَةَ فَرَخَّمَ اضْطِرَارًا. وَقَوْلُهُ: مِنْ صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ صِيرِ بَدَلًا مِنْ صُيَيْر، بإِعادة حَرْفِ الْجَرِّ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كأَنه أَراد مِنْ صُيَيْر كَائِنٍ مَنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ: هَذِهِ بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ: الأَرض وَالْبَلْدَةُ؛ يُقَالُ: هَذِهِ بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وَفِي حَدِيثِ القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلًا بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ عَلَى شَطِّ لِيَّةَ
، البَحْرَةُ: البَلْدَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ أَن يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ
؛ البُحَيْرَةُ: مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ تَصْغِيرُ البَحْرَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُكَبَّرًا. والعربُ تُسَمِّي المُدُنَ وَالْقُرَى: البحارَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وكَتَبَ لَهُمْ بِبَحْرِهِم
؛ أَي بِبَلَدِهِمْ وأَرضهم. وأَما حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ فَرَوَاهُ الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ عُرْوَةَ أَن أُسامة بْنَ زَيْدٍ أَخبره: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَكِبَ حِمَارًا عَلَى إِكافٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ
(١). قوله [وغور مائها وأنه إلخ] كذا بالأصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام