يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ عُمَيْرٍ فأَخذه وَمَعَهُ امرأَة مِنْ خَفاجَة يُقَالُ لَهَا نَوَارُ، فَقَالَ الخَثْعَمِيُّ: أَنا أَفدي نَفْسِي مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ السُّلَيْكُ: ذَلِكَ لَكَ عَلَى أَن لَا تَخِيسَ بِعَهْدِي وَلَا تُطْلِعُ عَلَيَّ أَحداً مِنْ خَثْعَمَ، فأَعطاه ذَلِكَ وَخَرَجَ إِلى قَوْمِهِ وَخَلَفَ السُّلَيْكُ عَلَى امرأَته فَنَكَحَهَا، وَجَعَلَتْ تَقُولُ لَهُ: احْذَرْ خَثْعَمَ فَقَالَ:
وَمَا خَثْعَمٌ إِلَّا لِئامٌ أَذِلَّةٌ، ... إِلى الذُّلِّ والإِسْخاف تُنْمى وتَنْتَمي
فَبَلَغَ الخبرُ أَنسَ بْنَ مُدْرِكَةَ الْخَثْعَمِيَّ وشبْلَ بْنَ قِلادَةَ فَحَالَفَا الخَثْعَمِيَّ زوجَ المرأَة وَلَمْ يَعْلَمِ السُّلَيْكُ حَتَّى طَرَقَاهُ، فَقَالَ أَنس لِشِبْلٍ: إِن شِئت كَفَيْتُكَ الْقَوْمَ وَتَكْفِينِي الرَّجُلَ، فَقَالَ: لَا بَلِ اكْفِنِي الرَّجُلَ وأَكفيك الْقَوْمَ، فشدَّ أَنس عَلَى السُّلَيْكِ فَقَتَلَهُ وشدَّ شِبْلٌ وأَصحابه عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ عَوْفُ بْنُ يَرْبُوعٍ الْخَثْعَمِيُّ وَهُوَ عَمُّ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَاللَّهِ لأَقتلن أَنساً لإِخفاره ذِمَّةَ ابْنِ عَمِّي وَجَرَى بَيْنَهُمَا أَمر وأَلزموه دِيَتَهُ فأَبى فَقَالَ هَذَا الشِّعْرَ؛ وَقَوْلُهُ:
كَالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ الْبَقَرُ
هُوَ مَثَلٌ يُقَالُ عِنْدَ عُقُوبَةِ الإِنسان بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا أَوردوا الْبَقَرَ فَلَمْ تَشْرَبْ لِكَدَرِ الْمَاءِ أَو لِقِلَّةِ الْعَطَشِ ضَرَبُوا الثَّوْرَ لِيَقْتَحِمَ الْمَاءَ فَتَتْبَعُهُ الْبَقَرُ؛ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الأَعشى:
وما ذَنْبُه إِن عافَتِ الماءَ باقِرٌ، ... وَمَا أَن يَعَاف الماءَ إِلَّا لِيُضْرَبا
وَقَوْلُهُ:
وإِذ يُشَدُّ عَلَى وَجْعَائِهَا الثُّفَرُ
الْوَجْعَاءُ: السَّافِلَةُ، وَهِيَ الدُّبُرُ. وَالثُّفَرُ: هُوَ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى مَوْضِعِ الثَّفْرِ، وَهُوَ الْفَرَجُ، وأَصله لِلسِّبَاعِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ للإِنسان. وَيُقَالُ: ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الْمَاءِ فَثارَ. وأَثَرْتُ السَّبُعَ والصَّيْدَ إِذا هِجْتَه. وأَثَرْتُ فُلَانًا إِذا هَيَّجْتَهُ لأَمر. واسْتَثَرْتُ الصَّيْدَ إِذا أَثَرْتَهُ أَيضاً. وثَوَّرْتُ الأَمر: بَحَثْتُه وثَوَّرَ القرآنَ: بَحَثَ عَنْ مَعَانِيهِ وَعَنْ عِلْمِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: أَثِيرُوا الْقُرْآنَ فإِن فِيهِ خَبَرَ الأَولين وَالْآخِرِينَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عِلْمَ الأَوَّلين وَالْآخِرِينَ
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ أَراد الْعِلْمَ فليُثَوِّر الْقُرْآنَ
؛ قَالَ شِمْرٌ: تَثْوِيرُ الْقُرْآنِ قِرَاءَتُهُ وَمُفَاتَشَةُ الْعُلَمَاءِ بِهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَمَعَانِيهِ، وَقِيلَ: لِيُنَقِّرْ عَنْهُ ويُفَكِّرْ فِي مَعَانِيهِ وَتَفْسِيرِهِ وَقِرَاءَتِهِ، وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ مُحَارِبٌ صَاحِبُ الْخَلِيلِ لَا تَقْطَعْنَا فإِنك إِذا جِئْتَ أَثَرْتَ الْعَرَبِيَّةَ؛ وَمِنْهُ قوله:
يُثَوِّرُها العينانِ زَيدٌ ودَغْفَلٌ
وأَثَرْتُ الْبَعِيرَ أُثيرُه إِثارةً فَثارَ يَثُورُ وتَثَوَّرَ تَثَوُّراً إِذا كَانَ بَارِكًا وَبَعَثَهُ فَانْبَعَثَ. وأَثارَ الترابَ بقوائمهِ إِثارَةً: بَحَثه؛ قَالَ:
يُثِيرُ ويُذْري تُرْبَها ويَهيلُه، ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ
قَوْلُهُ: نَبَاثُّ الْهَوَاجِرِ يَعْنِي الرَّجُلَ الَّذِي إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ هَالَ التُّرَابَ لِيَصِلَ إِلى ثَرَاهُ، وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَقَالُوا: ثَورَة رِجَالٍ كَثروَةِ رِجَالٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وثَوْرَةٍ مِنْ رِجالِ لَوْ رأَيْتَهُمُ، ... لقُلْتَ: إِحدى حِراجِ الجَرَّ مِن أُقُرِ
وَيُرْوَى وثَرْوةٍ. وَلَا يُقَالُ ثَوْرَةُ مالٍ إِنما هُوَ ثَرْوَةُ مالٍ فَقَطْ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَوْرَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَوْرَةٌ مِنْ مَالٍ لِلْكَثِيرِ. وَيُقَالُ: ثَرْوَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَرْوَةٌ مِنْ مَالٍ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ثَوْرَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَرْوَةٌ يعني عَدَدٍ كَثِيرٍ، وثَرْوَةٌ مِنْ