قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ مِنْ أَفْنَانِهِ، ... كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ مِنْهُ حَبِرْ
وَثَوْبٌ حَبِيرٌ: جَدِيدٌ نَاعِمٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا كَرِيمَةً عَلَى أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ ... حَبِيراً، وَلَمْ تُدْرَجْ عَلَيْهَا المَعَاوِزُ
وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ. والحَبِيرُ: السَّحَابُ، وَقِيلَ: الحَبِيرُ مِنَ السَّحَابِ الَّذِي ترى فيه كالتَّثْمِيرِ مِنْ كَثْرَةِ مَائِهِ. قَالَ الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بِمَعْنَى السَّحَابِ فَلَا أَعرفه؛ قَالَ فإِن كَانَ أَخذه مِنْ قَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
تَغَذَّمْنَ فِي جَانِبَيْهِ الخَبِيرَ ... لَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا
فَهُوَ بِالْخَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَكَانِهِ. والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ مُنَمَّر، وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وحِبَرات. اللَّيْثُ: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَةِ. يُقَالُ: بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مِثْلُ عِنَبَةٍ، عَلَى الْوَصْفِ والإِضافة؛ وبُرُود حِبَرَةٌ. قَالَ: وَلَيْسَ حِبَرَةٌ مَوْضِعًا أَو شَيْئًا مَعْلُومًا إِنما هُوَ وَشْيٌ كَقَوْلِكَ ثَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا خَطَبَ خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وأَجابته استأْذنت أَباها فِي أَن تَتَزَوَّجَهُ، وَهُوَ ثَمِلٌ، فأَذن لَهَا فِي ذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ الفحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنفُهُ، فَنَحَرَتْ بَعِيرًا وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ بُرْداً أَحْمَرَ، فَلَمَّا صَحَا مِنْ سُكْرِهِ قَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ وَهَذَا العَبِيرُ وَهَذَا العَقِيرُ
؟ أَراد بِالْحَبِيرِ الْبُرْدَ الَّذِي كَسَتْهُ، وَبِالْعَبِيرِ الخَلُوقَ الَّذِي خَلَّقَتْهُ، وَبِالْعَقِيرِ البعيرَ المَنْحُورَ وَكَانَ عُقِرَ ساقُه. وَالْحَبِيرُ مِنَ الْبُرُودِ: مَا كَانَ مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطعمنا الخَمِير وأَلبسنا الْحَبِيرَ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: حِينَ لَا أَلْبَسُ الحَبيرَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الْحَوَامِيمِ فِي الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ فِي الثِّيَابِ.
والحِبْرُ: بِالْكَسْرِ: الوَشْيُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والحِبْرُ والحَبَرُ: الأَثَرُ مِنَ الضَّرْبَة إِذا لَمْ يَدُمْ، وَالْجَمْعُ أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وَهُوَ الحَبَارُ والحِبار. الْجَوْهَرِيُّ: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فِيهَا، ... أَلا تَرى حِبَارَ [حَبَارَ] مَنْ يَسْقِيها؟
وَقَالَ حميد الأَرقط:
وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ، ... وَلَا لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ
والجمعُ حَبَاراتٌ وَلَا يُكَسَّرُ. وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جِلْدَهُ وَبِجِلْدِهِ: أَثرت فِيهِ. وحُبِرَ جِلْدُه حَبْراً إِذا بَقِيَتْ لِلْجُرْحِ آثَارٌ بَعْدَ البُرْء. والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشَّيْءِ. الأَزهري: رَجُلٌ مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت الْبَرَاغِيثُ جِلْدَه فَصَارَ لَهُ آثَارٌ فِي جِلْدِهِ؛ وَيُقَالُ: بِهِ حُبُورٌ أَي آثَارٌ. وَقَدْ أَحْبَرَ بِهِ أَي تَرَكَ بِهِ أَثراً؛ وأَنشد لمُصَبِّحِ بْنِ مَنْظُورٍ الأَسَدِي، وَكَانَ قَدْ حَلَقَ شَعْرَ رأْس امرأَته، فَرَفَعَتْهُ إِلى الْوَالِي فَجَلَدَهُ وَاعْتَقَلَهُ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ وجُبَّة فَدَفَعَهُمَا لِلْوَالِي فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بِي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ ... بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
وَمَا فَعَلتْ بِي ذَاكَ، حَتَّى تَرَكْتُها ... تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
وأَفْلَتَني مِنْهَا حِماري وَجُبَّتي، ... جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي وحِمارِيَا