للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِتَبْيِيضِهِمْ لأَنهم كَانُوا قَصَّارِينَ ثُمَّ غَلَبَ حَتَّى صَارَ كُلُّ نَاصِرٍ وَكُلُّ حَمِيمٍ حَوارِيّاً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الَّذِينَ قَدْ خَلَصُوا لَهُمْ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْحَوَارِيُّونَ خُلْصَانُ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَصَفْوَتُهُمْ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وحَوارِيَّ مِنْ أُمَّتِي؛ أَي خَاصَّتِي مِنْ أَصحابي وَنَاصِرِي. قَالَ: وأَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَوَارِيُّونَ، وتأْويل الْحَوَارِيِّينَ فِي اللُّغَةِ الَّذِينَ أُخْلِصُوا ونُقُّوا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى مِنَ الدَّقِيقِ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنَقَّى مِنْ لُباب البُرِّ؛ قَالَ: وتأْويله فِي النَّاسِ الَّذِي قَدْ رُوجِعَ فِي اختِياره مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيّاً مِنَ الْعُيُوبِ. قَالَ: وأَصل التَّحْوِيرِ فِي اللُّغَةِ مِنْ حارَ يَحُورُ، وَهُوَ الرُّجُوعُ. والتَّحْوِيرُ: التَّرْجِيعُ، قَالَ: فَهَذَا تأْويله، وَاللَّهُ أَعلم. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ مُبالِغٍ فِي نُصْرَةِ آخَرَ حوَارِيٌّ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَنصار الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:

بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ، ... ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ

إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يَعْنِي بالحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وَعَنَى بِابْنِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ. وَقِيلَ لأَصحاب عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَوَارِيُّونَ لِلْبَيَاضِ، لأَنهم كَانُوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ: البَيَّاضُ، وَهَذَا أَصل قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الزُّبَيْرِ: حَوارِيَّ مِنْ أُمَّتي، وَهَذَا كَانَ بدأَه لأَنهم كَانُوا خُلَصَاءَ عِيسَى وأَنصاره، وأَصله مِنَ التَّحْوِيرِ التَّبْيِيضُ، وإِنما سُمُّوا حَوَارِيِّينَ لأَنهم كَانُوا يَغْسِلُونَ الثِّيَابَ أَي يُحَوِّرُونَها، وَهُوَ التَّبْيِيضُ؛ وَمِنْهُ الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: امرأَة حَوارِيَّةٌ إِذا كَانَتْ بَيْضَاءَ. قَالَ: فَلَمَّا كان عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، نَصَرَهُ هَؤُلَاءِ الْحَوَارِيُّونَ وَكَانُوا أَنصاره دُونَ النَّاسِ قِيلَ لِنَاصِرِ نَبِيِّهِ حَوارِيُّ إِذا بَالَغَ فِي نُصْرَتِه تَشْبِيهًا بأُولئك. والحَوارِيُّونَ: الأَنصار وَهُمْ خَاصَّةُ أَصحابه. وَرَوَى شَمِرٌ أَنه قَالَ: الحَوارِيُّ النَّاصِحُ وأَصله الشَّيْءُ الْخَالِصُ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَصَ لَوْنُه، فَهُوَ حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتُ:

ومَرْضُوفَةٍ لَمْ تُؤْنِ فِي الطَّبْخِ طاهِياً، ... عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا

يُرِيدُ بَيَاضَ زَبَدِ القِدْرِ. وَالْمَرْضُوفَةُ: الْقِدْرُ الَّتِي أُنضجت بالرَّضْفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ بِالنَّارِ. وَلَمْ تؤْن أَي لَمْ تُحْبَسْ. والاحْوِرَارُ: الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قَالَ أَبو الْمُهَوَّشِ الأَسدي:

يَا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ، ... فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟

يَعْنِي المُبْيَضَّةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَوَرَدَ تَرْخِيمُ وَرْدَة، وَهِيَ امرأَته، وَكَانَتْ تَنْهَاهُ عَنْ إِضاعة مَالِهِ وَنَحْرِ إِبله فَقَالَ ذَلِكَ: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الحَوَرْوَرَةُ الْبَيْضَاءُ. قَالَ: هو ثُلَاثِيُّ الأَصل أُلحق بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرَارِ بَعْضِ حُرُوفِهَا. والحَوَرُ: خَشَبَةٌ يُقَالُ لَهَا البَيْضاءُ. والحُوَّارَى: الدَّقِيقُ الأَبيض، وَهُوَ لُبَابُ الدَّقِيقِ وأَجوده وأَخلصه. الْجَوْهَرِيُّ: الحُوَّارَى، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالرَّاءُ مَفْتُوحَةٌ، مَا حُوِّرَ مِنَ الطَّعَامِ أَي بُيّصَ. وَهَذَا دَقِيقٌ حُوَّارَى، وَقَدْ حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وَعَجِينٌ مُحَوَّر، وَهُوَ الَّذِي مُسِحَ وَجْهُهُ بِالْمَاءِ حَتَّى صَفَا. والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ مِنْ أَهل الْقُرَى؛ قَالَ عُتَيْبَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>