للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به أَبو بكر

، وفي رِوَايَةٍ:

كُنْتُ زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي كَلَامًا يومَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

أَي هَيَّأْتُ وأَصلحت. والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الشَّيْءِ. وكلامٌ مُزَوَّرٌ أَي مُحَسَّنٌ؛ قَالَ نصرُ بْنُ سَيَّارٍ:

أَبْلِغْ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسالةً، ... تَزَوَّرْتُها مِنْ مُحْكَمَاتِ الرَّسائِل

والتَّزْوِيرُ: تَزْيين الْكَذِبِ والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الشَّيْءِ، وَسُمِعَ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: كُلُّ إِصلاح مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ فَهُوَ تَزْوِيرٌ، وَمِنْهُ شَاهِدُ الزُّورِ يُزَوِّرُ كَلَامًا والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الْكَلَامِ وتَهْيِئَتُه. وَفِي صَدْرِهِ تَزْوِيرٌ أَي إِصلاح يُحْتَاجُ أَن يُزَوَّرَ. قَالَ: وَقَالَ الْحَجَّاجُ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً زَوَّرَ نفسَه عَلَى نَفْسِهِ أَي قَوَّمَهَا وحسَّنها، وَقِيلَ: اتَّهَمَ نَفْسَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَقِيقَتُهُ نِسْبَتُهَا إِلى الزُّورِ كَفَسَّقَهُ وجَهَّلَهُ، وَتَقُولُ: أَنا أُزَوِّرُكَ عَلَى نَفْسِكَ أَي أَتَّهِمُك عَلَيْهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِهِ زَوَرٌ لَمْ يَسْتَطِعْهُ المُزَوِّرُ

وَقَوْلُهُمْ: زَوَّرْتُ شَهَادَةَ فُلَانٍ رَاجِعٌ إِلى تَفْسِيرِ قَوْلِ القَتَّالِ:

وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنا عُودُ نَبْعَةٍ ... صَلِيبٌ، وَفِينَا قَسْوَةٌ لَا تُزَوَّرُ

قَالَ أَبو عَدْنَانَ: أَي لَا نُغْمَزُ لِقَسْوَتِنَا وَلَا نُسْتَضْعَفُ فَقَوْلُهُمْ: زَوَّرْتُ شَهَادَةَ فُلَانٍ، مَعْنَاهُ أَنه اسْتُضْعِفَ فَغُمِزَ وَغُمِزَتْ شَهَادَتُهُ فأُسقطت. وَقَوْلُهُمْ: قَدْ زَوَّرَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِيهِ أَربعة أَقوال: يَكُونُ التَّزْوِيرُ فِعْلَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ. والزُّور: الْكَذِبُ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: التَّزْوِيرُ التَّشْبِيهُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: التَّزْوِيرُ التَّزْوِيقُ وَالتَّحْسِينُ. وزَوَّرْتُ الشيءَ: حَسَّنْتُه وقوَّمتُه. وَقَالَ الأَصمعي: التزويرُ تَهْيِئَةُ الْكَلَامِ وَتَقْدِيرُهُ، والإِنسان يُزَوِّرُ كَلَامًا، وَهُوَ أَن يُقَوِّمَه ويُتْقِنَهُ قَبْلَ أَن يَتَكَلَّمَ بِهِ. والزُّورُ: شَهَادَةُ الْبَاطِلِ وَقَوْلُ الْكَذِبِ، وَلَمْ يُشْتَقَّ مِنْ تَزْوِيرِ الْكَلَامِ وَلَكِنَّهُ اشْتُقَّ مِنْ تَزْوِيرِ الصَّدْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ

؛ الزُّور: الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ والتُّهمة، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ شَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ:

عَدَلَتْ شهادَةُ الزُورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ

، وإِنما عَادَلَتْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهَا: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ

. وزَوَّرَ نَفْسَه: وسمَهَا بالزُّورِ. وَفِي الْخَبَرِ

عَنِ الْحَجَّاجِ: زَوَّرَ رجلٌ نَفْسَه.

وزَوَّرَ الشَّهَادَةَ. أَبطلها؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الزُّورُ هَاهُنَا مَجَالِسُ اللَّهْوِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا إِلا أَن يُرِيدَ بِمَجَالِسِ اللَّهْوِ هُنَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ، وَقِيلَ: أَعياد النَّصَارَى؛ كِلَاهُمَا عَنِ الزَّجَّاجِ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الشِّرْكُ، وَهُوَ جَامِعٌ لأَعياد النَّصَارَى وَغَيْرِهَا؛ قَالَ: وَقِيلَ الزّورُ هُنَا مَجَالِسُ الغِنَاء. وزَوْرُ الْقَوْمِ وزَوِيرُهم وزُوَيْرُهم: سَيِّدُهم ورأْسهم. والزُّورُ والزُّونُ جَمِيعًا: كُلُّ شَيْءٍ يُتَّخَذُ رَبّاً وَيُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:

جاؤُوا بِزُورَيْهِم وجِئْنا بالأَصَمْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى إِن الْبَيْتَ لِيَحْيَى بْنِ مَنْصُورٍ؛ وأَنشد قَبْلَهُ:

كانَت تَمِيمٌ مَعْشَراً ذَوِي كَرَمْ، ... غَلْصَمَةً مِنَ الغَلاصِيم العُظَمْ

مَا جَبُنُوا، وَلَا تَوَلَّوْا مِنْ أَمَمْ، ... قَدْ قابَلوا لَوْ يَنْفُخْون فِي فَحَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>