قَالُوا دَرَّاك مِنْ أَدْرَكْتُ وجَبَّار مَنْ أَجْبَرْتُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
صَدَرْنَ بِمَا أَسْأَرْتُ مِنْ ماءِ مُقْفِرٍ ... صَرًى لَيْس مِنْ أَعْطانِه، غَيْرَ حائِل
يَعْنِي قَطاً وَرَدَتْ بَقِيَّةَ مَا أَسأَره فِي الْحَوْضِ فَشَرِبَتْ مِنْهُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ أَسأَر فُلَانٌ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ سُؤْراً وَذَلِكَ إِذا أَبقى بقيَّة؛ قَالَ: وبَقِيَّة كُلِّ شَيْءٍ سُؤْرُه. وَيُقَالُ للمرأَة الَّتِي قَدْ جَاوَزَتْ عُنْفُوان شَبَابِهَا وَفِيهَا بَقِيَّةٌ: إِنَّ فِيهَا لَسُؤْرةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
إِزاءَ مَعاشٍ مَا يُحَلُّ إِزارُها ... مِنَ الكَيْسِ، فِيهَا سُؤْرَةٌ، وَهِيَ قاعدُ
أَراد بِقَوْلِهِ وَهِيَ قَاعِدٌ قُعودها عَنِ الْحَيْضِ لأَنها أَسَنَّتْ. وتَسَأَّر النبيذَ: شَرِبَ سُؤْرَه وَبَقَايَاهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وأَسْأَر مِنْ حِسابِه: أَفْضَلَ. وَفِيهِ سُؤْرَة أَي بَقِيَّةُ شَبَابٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الْهِلَالِيِّ:
إِزاءَ مَعاشٍ لَا يَزَالُ نِطاقُها ... شَديداً، وَفِيهَا سُؤْرَةٌ، وَهِيَ قاعِد «٢»
. التهذيب: وأَما قوله:
[وسائِرُ الناسِ هَمَج]
فإِن أَهل اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَن مَعْنَى سَائِرُ فِي أَمْثال هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْبَاقِي، مِنْ قَوْلِكَ: أَسْأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَة إِذا أَفْضَلْتَها وأَبقيتها. والسَّائِرُ: الْبَاقِي، وكأَنه مِنْ سَأَرَ يَسْأَرُ فَهُوَ سائِر. قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو الْعَبَّاسِ: يُقَالُ سَأَر وأَسْأَرَ إِذا أَفْضَلَ، فَهُوَ سائِر؛ جَعَلَ سَأَرَ وأَسْأَرَ وَاقِعَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ سَائِرٌ. قَالَ: قَالَ فَلَا أَدري أَراد بالسَّائِرِ المُسْئِر. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كفَضْلِ الثَّريد عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ
؛ أَي بَاقِيهِ؛ وَالسَّائِرُ، مَهْمُوزٌ: الْبَاقِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالنَّاسُ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي مَعْنَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ وَكُلُّهُ بِمَعْنَى بَاقِي الشَّيْءِ، وَالْبَاقِي: الفاضِلُ. وَمَنْ هَمَزَ السُّؤْرَة مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ جَعَلَهَا بِمَعْنَى بقيَّة مِنَ الْقُرْآنِ وقطْعَة. والسُّؤْرَةُ مِنَ الْمَالِ: جَيِّدُهُ، وَجَمْعُهُ سُؤَر. والسورةُ مِنَ الْقُرْآنِ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ سُؤْرة الْمَالِ، تُرِكَ هَمْزُه لَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ.
سبر: السَّبْرُ: التَّجْرِبَةُ. وسَبَر الشيءَ سَبْراً: حَزَره وخَبَرهُ. واسْبُرْ لِي مَا عِنْدَهُ أَي اعْلَمْه. والسَّبْر: اسْتِخْراجُ كُنْهِ الأَمر. والسَّبْر: مَصْدَرُ سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرُه ويَسْبِرُه سَبْراً نَظَر مِقْدارَه وقاسَه لِيَعْرِفَ غَوْرَه، ومَسْبُرَتُهُ: نِهايَتُه. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
قَالَ لَهُ أَبو بَكْرٍ: لَا تَدْخُلْه حتى أَسْبِرَه [أَسْبُرَه] قَبْلَك
أَي أَخْتَبِرَه وأَعْتَبِرَه وأَنظرَ هَلْ فِيهِ أَحد أَو شَيْءٌ يُؤْذِي. والمِسْبارُ والسِّبارُ: مَا سُبِرَ بِهِ وقُدِّرَ بِهِ غَوْرُ الْجِرَاحَاتِ؛ قَالَ يَصِفُ جُرْحَها:
تَرُدُّ السِّبارَ عَلَى السَّابِرِ
التَّهْذِيبِ: والسِّبارُ فَتِيلة تُجْعَلُ فِي الجُرْح؛ وأَنشد:
تَرُدُّ عَلَى السَابرِيِّ السِّبارا
وَكُلُّ أَمرٍ رُزْتَه، فَقَدْ سَبَرْتَه وأَسْبَرْتَه. يُقَالُ: حَمِدْتُ مَسْبَرَه ومَخْبَره. والسِّبْرُ والسَّبْرُ: الأَصلُ واللَّوْنُ والهَيْئَةُ والمَنْظَرُ. قَالَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ: وَقَفْتُ عَلَى رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ بَعْدَ مُنْصَرَفِي مِنَ الْعِرَاقِ فَقَالَ: أَمَّا اللسانُ فَبَدَوِيُّ، وأَما السِّبْرُ فَحَضَرِيُّ؛ قَالَ: السِّبْر، بِالْكَسْرِ، الزِّيُّ والهيئةُ. قَالَ: وَقَالَتْ بَدَوِيَّةٌ أَعْجَبَنا سِبْر فُلَانٍ أَي حُسْنُ حَالِهِ وخِصْبُه فِي بَدَنه، وَقَالَتْ: رأَيته سَيِءَ السِّبْر إِذا كان
(٢). هذه رواية أخرى للبيت الذي قبله لأَن الشاعر واحد وهو حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ