للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فُلَانٌ إِلى كَذَا وَكَذَا، بِناؤُه افْتَعَلَ، فَجُعِلَت التاءُ طَاءً لأَنَّ التاءَ لَمْ يَحْسُنْ لفْظُه مَعَ الضَّادِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ*

؛ أَي فَمَنْ أُلْجِئَ إِلى أَكْل الميْتةِ وَمَا حُرِّم وضُيِّقَ عَلَيْهِ الأَمْرُ بِالْجُوعِ، وأَصله مِنَ الضّرَرِ، وَهُوَ الضِّيقُ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: هِيَ الضارُورةُ والضارُوراءُ مَمْدُودٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه نَهَى عَنْ بَيْعِ المُضْطَرّ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدُهما أَنْ يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ مِنْ طَرِيقِ الإِكْراهِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَهَذَا بيعٌ فاسدٌ لَا يَنْعَقِدُ، وَالثَّانِي أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البيعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ مَا فِي يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُورةِ، وَهَذَا سبيلُه فِي حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لَا يُبايَعَ عَلَى هَذَا الوجْهِ، وَلَكِنْ يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ عُقِدَ البَيْع مَعَ الضرورةِ عَلَى هَذَا الوجْه صحَّ وَلَمْ يُفْسَخْ مَعَ كراهةِ أَهلِ العلْم لَهُ، وَمَعْنَى البَيْعِ هَاهُنَا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ مِنَ الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ، فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طَاءً لأَجْلِ الضادِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ عُمَرَ: لَا تَبْتَعْ مِنْ مُضْطَرٍّ شَيْئاً

؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ عَلَى المُكْرَهِ عَلَى البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه عَلَى المُحْتاج. وَفِي حَدِيثِ

سَمُرَةَ: يَجْزِي مِنَ الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق

؛ الضارورةُ لغةٌ فِي الضّرُورةِ، أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ مِنَ المَيْتة أَنْ يأْكُلَ مِنْهَا مَا يسُدُّ الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمعَ بَيْنَهُمَا. والضَّرَرُ: الضِّيقُ. ومكانٌ ذُو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِل:

ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر

وَقَوْلُ الأَخطل:

لِكُلِّ قَرارةٍ مِنْهَا وفَجٍ ... أَضاةٌ، مَاؤُهَا ضَرَرٌ يَمُور

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَاؤُهَا ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ فِي ضِيقٍ، وأَرادَ أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ بِهِ، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ: الدَّاني مِنَ الشيْءِ؛ قَالَ الأَخْطل:

ظَلَّتْ ظِباءُ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً، ... حَتَّى اقْتُنِصْنَ عَلَى بُعْدٍ وإِضْرار

وَفِي حَدِيثِ

مُعَاذٍ: أَنَّه كَانَ يُصَلِّي فأَضَرَّ بِهِ غُصْنٌ فمَدَّ يَده فكَسَرَهُ

؛ قَوْلُهُ: أَضَرَّ بِهِ أَي دَنَا مِنْهُ دُنُوّاً شَدِيدًا فَآذَاهُ. وأَضَرَّ بِي فلانٌ أَي دَنا مِنِّي دُنُوّاً شَدِيدًا وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا مِنْهُ وَلَمْ يُخالِطْه؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْمة «٣». الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ قَيْسٍ:

لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ مَا أَجَنَّتْ ... غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟

«٤». يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو ... أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ

الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هَذَا عَلَى جِهَةِ التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ لأُمِّ الأَرْضِ مَاذَا أَجَنَّت مِنْ بِسْطام أَي بِحَيْثُ دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ مِنَ السَّبِيلِ. وأَبو الصَّهْبَاءِ: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ مِنَ الْحَائِطِ: دَنَا مِنْهُ. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ مَا دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فَقَدْ أَضَرَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَضُرُّه أَنْ


(٣). قوله: [ابن عنمة] ضبط في الأصل بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك
(٤). قوله: [غداة] في ياقوت بحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>