للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَتَبَ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ فَقَالَ لأَبي بَكْرٍ: أَعْذِرْني مِنْهَا إِن أَدَّبْتُها

؛ أَي قُمْ بعُذْري فِي ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي الدَّرْدَاءِ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ مُعَاوِيَةَ؟ أَنا أُخْبِرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُخْبِرُنِي عَنْ نَفْسِهِ.

وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ: مَنْ يَعْذرني مِنْ هَؤُلَاءِ الضَّياطِرة؟

وأَعْذر فُلَانٌ مِنْ نفسه أَي أَتى من قبَل نَفْسِهِ. قَالَ: وعَذّر يُعذّر نَفْسَهُ أَي أَتي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ قَالَ يُونُسُ: هِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ. وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر: لَمْ يَسْتَقِمْ. وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر إِذا صَعُبَ وَتَعَسَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يتعَذَّر فِي مَرَضِهِ

؛ أَي يَتَمَنَّعُ وَيَتَعَسَّرُ. وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذُنُوبُهُ وَعُيُوبُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:

قَالُوا مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ

؛ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ بَنِي إِسرائيلَ وعَظُوا الَّذِينَ اعتدَوْا فِي السَّبْتِ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ؟ فَقَالُوا، يَعْنِي الْوَاعِظِينَ:

مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ

، فَالْمَعْنَى أَنهم قَالُوا: الأَمرُ بِالْمَعْرُوفِ واجبٌ عَلَيْنَا فَعَلَيْنَا موعظةُ هَؤُلَاءِ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ فِي مَعْذِرة فَيَكُونُ الْمَعْنَى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى رَبِّنَا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ عَلَى مَفْعِلة مِنْ عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الِاعْتِذَارِ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى:

عَلَى رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم، ... فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ وأَنشد: سَتَمْنَعُكُمْ، وَصَوَابُهُ: فَتَمْنَعُكُمْ، بِالْفَاءِ، وَهَذَا الشِّعْرُ يُخَاطِبُ بِهِ آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان»

وَسُلَيْمٌ هُوَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ، وَهَوَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفة بْنِ قَيْس عَيْلان، وَغَطَفَانُ هُوَ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ، وَكَانَ بَلَغَ زُهَيْرًا أَن هَوَازِنَ وَبَنِي سُلَيْمٍ يُرِيدُونَ غَزْوَ غَطَفَانَ، فذكَّرهم مَا بَيْنَ غَطَفَانَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الرَّحِم، وأَنهم يَجْتَمِعُونَ فِي النَّسَبِ إِلى قَيْسٍ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:

خُذُوا حظَّكم يَا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا ... أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بِالْغَيْبِ يُذْكَرُ

فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى مَا نَسُومُكم ... لَمِثْلانِ، بَلْ أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ

مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى رِسْلِكم أَي عَلَى مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قَلِيلًا. وَقَوْلُهُ: سَنُعْدِي وَرَاءَكُمْ أَي سَنُعْدِي الْخَيْلَ وَرَاءَكُمْ. وَقَوْلُهُ: أَو سَنُعْذَرُ أَي نأْتي بالعُذْر فِي الذبِّ عَنْكُمْ وَنَصْنَعُ مَا نُعْذَر فِيهِ. والأَوَاصِرُ: الْقَرَابَاتُ. والعِذَارُ مِنَ اللِّجَامِ: مَا سَالَ عَلَى خَدِّ الْفَرَسِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وعِذَارُ اللِّجَامِ مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَى خَدي الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: عذَارُ اللِّجَامِ السَّيْرانِ اللَّذَانِ يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ القَفا، وَالْجَمْعُ عُذُرٌ. وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وَقِيلَ: عَذَّره جَعَلَ لَهُ عِذَاراً لا غير؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

فإِني إِذا مَا خُلّةٌ رَثَّ وصلُها، ... وجَدَّتْ لصَرْمٍ وَاسْتَمَرَّ عِذارُها

لَمْ يُفَسِّرْهُ الأَصمعي، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ عِذَار اللِّجَامِ، وأَن يَكُونَ مِنَ التَعَذُّر الَّذِي هُوَ الِامْتِنَاعُ؛ وَفَرَسٌ قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان. وَفِي الْحَدِيثِ:

الفَقْرُ أَزْيَنُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ عِذَارٍ حسَنٍ عَلَى خَدِّ فَرَسٍ

؛ العِذَارانِ مِنَ الْفَرَسِ: كالعارِضَين مِنْ وَجْهِ الإِنسان، ثُمَّ سُمِّيَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّجَامِ عِذاراً بِاسْمِ مَوْضِعِهِ. وعَذَرْت الفرس بالعِذَار


(٢). قوله: [وهم سليم وغطفان] كذا بالأَصل، والمناسب وهوازن بدل وغطفان كما يعلم مما بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>