للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاقْتِضاضُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَبو عُذْر فُلَانَةٍ إِذا كَانَ افْتَرَعَها وَاقْتَضَّهَا، وأَبو عُذْرَتها. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَنت بِذِي عُذْرِ هَذَا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ مَنِ اقْتضّه. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لِلْجَارِيَةِ عُذْرتانِ إِحداهما الَّتِي تَكُونُ بِهَا بِكْرًا والأُخرى فِعْلُها؛ وَقَالَ الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَهَا عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها، وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَفْضِ مِنَ الْجَارِيَةِ، والعُذْرةُ الثَّانِيَةُ قضّتُها، سُمِّيَتْ عُذْرةً بالعَذْر، وَهُوَ الْقَطْعُ، لأَنها إِذا خُفِضت قُطِعَتْ نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت انْقَطَعَ خاتمُ عُذْرتِها. والعاذُورُ: مَا يُقْطع مِنْ مَخْفِض الْجَارِيَةِ. ابْنُ الأَعرابي: وَقَوْلُهُمُ اعْتَذَرْت إِليه هُوَ قَطْعُ مَا فِي قَلْبِهِ. وَيُقَالُ: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انْقَطَعَتْ. والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عَنْ حَاجَتِهِ وقطعُه عَمَّا أَمْسَك فِي قَلْبِهِ. واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ وَمَرَرْتُ بِمَنْزِلٍ مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

شُهُورُ الصَّيْفِ، واعْتَذَرَتْ إِلَيْهِ ... نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال

وتَعَذَرَّ الرَّسْمُ واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قَالَ أَوس:

فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت، ... فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف

وَقَالَ ابْنُ ميّادةَ وَاسْمُهُ الرَّمَّاحُ بْنُ أَبرد «١»:

مَا هاجَ قَلْبك مِنْ مَعَارِفِ دِمْنَةٍ، ... بالبَرْقِ بَيْنَ أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ

لَعِبَتْ بِهَا هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ ... قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ

البَرْق: جَمْعُ بَرْقَةٍ، وَهِيَ حِجَارَةٌ ورملٌ وَطِينٌ مُخْتَلِطَةٌ. والأَصالِفُ والفَدافِدُ: الأَماكن الْغَلِيظَةُ الصُّلْبَةُ؛ يَقُولُ: دَرَسَتْ هَذِهِ الْآثَارُ غَيْرَ الأَوْرَقِ الهامِد، وَهُوَ الرَّمَادُ؛ وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ يَمْدَحُ بِهَا عَبْدَ الْوَاحِدِ بن سليمان ابن عَبْدِ الْمَلِكِ وَيَقُولُ فِيهَا:

مَنْ كَانَ أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عَبْدِ الواحدِ

سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه، ... بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ «٢»

. نُصِرَ أَي أُمْطِر. وأَرض مَنْصُورَةٌ: مَمْطُورَةٌ. والمُشَرَّعُ: شَرِيعَةُ الْمَاءِ. ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وَكَذَلِكَ أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ فِي الِاعْتِذَارِ بِمَعْنَى الدُّرُوس:

بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ، ... لِلَّهِ دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟

هَلْ أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟ ... أَمْ هَلْ لِقَلْبِك عَنْ أُلَّافِه وطَرُ؟

أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ، فَقَدْ جَعَلَتْ ... أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟

ضِعْفُ الشَّيْءِ: مثلهُ؛ يَقُولُ: عِشْت عمرَ رَجُلَيْنِ وأَفناه الْعُمُرُ. وَقَوْلُهُ: أَم هَلْ لِقَلْبِكَ أَي هَلْ لِقَلْبِكَ حَاجَةٌ غَيْرَ أُلَّافِه أَي هَلْ لَهُ وَطَرٌ غَيْرَهُمْ. وَقَوْلُهُ: أَم كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ؛ الْآيَاتُ: الْعَلَامَاتُ، وأَطْلالُ إِلْفك قَدْ دَرَسَت، وأُخِذ الاعْتِذارُ مِنَ الذَّنْبِ مِنْ هَذَا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي عَلَى ذَنْبِهِ. والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، مِنْ قَوْلِهِمُ: اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. والمَعاذِرُ: جَمْعُ مَعْذِرة. وَمِنْ أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ

؛ قِيلَ: الْمَعَاذِيرُ الحُجَجُ، أَي


(١). قوله: [ابن أَبرد] هكذا في الأَصل
(٢). قوله:
[سبقت أَوائله أواخره]
هو هكذا في الأَصل والشطر ناقص

<<  <  ج: ص:  >  >>