للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفِيقاً وأَطلق ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِليه عَلَى وَجْهِ تُصَوِّرِ الْحَالِ الْمُتَوَقَّعَةِ. ونحوٌ مِنْهُ قولُه تَعَالَى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

إِذا مَا ماتَ مَيْتٌ مِن تمِيمٍ، ... فسَرَّك أَن يَعِيشَ، فجِئْ بزادِ

فَسَمَّاهُ مَيْتًا وَهُوَ حَيٌّ لأَنه سَيموت لَا مَحَالَةَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى أَيضاً: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ أَي إِنكم سَتَمُوتُونَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

قَتَلْتَ قَتِيلًا لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَه، ... أُقَلِّبُه ذَا تُومَتَيْنِ مُسَوَّرا

وإِذ جاز أَن يسمي الجَذْبُ عَفْراً لأَنه يَصِيرُ إِلى العَفْر، وَقَدْ يُمْكِنُ أَن لَا يَصِيرَ الجذبُ إِلى العَفْر، كَانَ تسميةُ الحيِّ مَيْتًا لأَنه مَيِّتٌ لَا مَحَالَةَ أَجْدَرَ بِالْجَوَازِ. واعْتَفَرَ ثَوْبَه فِي التُّرَابِ: كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: عَفّرْت فُلَانًا فِي التُّرَابِ إِذا مَرَّغْته فِيهِ تَعْفِيراً. وانْعَفَرَ الشَّيْءُ: تَتَرَّبَ، واعْتَفَرَ مِثْلَهُ، وَهُوَ مُنْعَفِر الْوَجْهِ فِي التُّرَابِ ومُعَفَّرُ الْوَجْهِ. وَيُقَالُ: اعْتَفَرْتُه اعْتِفاراً إِذا ضَرَبْتَ بِهِ الأَرض فمَغَثْتَه؛ قَالَ الْمَرَّارُ يَصِفُ امرأَة طَالَ شعرُها وكَثُفَ حَتَّى مسَّ الأَرض:

تَهْلِك المِدْراةُ فِي أَكْنافِه، ... وإِذا مَا أَرْسَلَتْه يَعْتَفِرْ

أَي سَقَطَ شَعْرُهَا عَلَى الأَرض؛ جعَلَه مِنْ عَفَّرْته فاعْتَفَر. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَرَّ عَلَى أَرضٍ تُسَمَّى عَفِرةً فسماَّها خَضِرَةً

؛ هُوَ مِنَ العُفْرة لَوْنِ الأَرض، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالثَّاءِ وَالدَّالِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:

يَعْدُو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ، عَيْشُهما ... لَحْمٌ، مِنَ الْقَوْمِ، مَعْفُورٌ خَراذِيلُ

المَعْفورُ: المُترَّبُ المُعَفَّرُ بِالتُّرَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

العافِر الوجْهِ فِي الصَّلَاةِ

؛ أَي المُترّب. والعُفْرة: غُبْرة فِي حُمْرة، عَفِرَ عَفَراً، وَهُوَ أَعْفَرُ. والأَعْفَر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي تَعْلو بياضَه حُمْرَةٌ، وَقِيلَ: الأَعْفَرُ مِنْهَا الَّذِي فِي سَراتِه حُمْرةٌ وأَقرابُه بِيضٌ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الظِّبَاءِ العُفْر، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ القفافَ وَصَلَابَةَ الأَرض. وَهِيَ حُمْر، والعُفْر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّتِي تَعْلُو بياضَها حُمْرَةٌ، قِصار الأَعناق، وَهِيَ أَضعف الظِّبَاءِ عَدْواً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَكُنَّا إِذا جَبّارُ قومٍ أَرادَنا ... بكَيْدٍ، حَمَلْناه عَلَى قَرْنِ أَعْفَرا

يَقُولُ: نَقْتُلُهُ ونَحْمِل رأْسَه عَلَى السِّنَان، وكانت تكون الأَسِنَّة فِيمَا مَضَى مِنَ الْقُرُونِ. وَيُقَالُ: رَمَانِي عَنْ قَرْن أَعْفَرَ أَي رَمَانِي بِدَاهِيَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:

وأَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عَنْ قَرْنِ أَعْفَرا

وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَتَّخِذُونَ القُرونَ مكانَ الأَسِنّة فَصَارَ مَثَلًا عِنْدَهُمْ فِي الشِّدَّةِ تَنْزِلُ بِهِمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا بَاتَ ليلَته فِي شِدَّةٍ تُقْلِقُه: كنتَ عَلَى قَرْن أَعْفَرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

كأَني وأَصْحابي عَلَى قَرْنِ أَعْفَرا

وثَرِيدٌ أَعْفَرُ: مُبْيَضٌّ، وَقَدْ تعافَرَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ «١» ... هُمْ وَوَصَفَ الحَرُوقة فَقَالَ: حَتَّى تعافرَ مِنْ نَفْثها أَي تَبَيَّض. والأَعْفَرُ: الرَّمْل الأَحمر؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:

وجَرْدَبَت فِي سَمِلٍ عُفَيْر

يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ أَعْفَر عَلَى تَصْغِيرِ التَّرْخِيمِ أَي مَصْبُوغٍ بِصِبْغ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ. والأَعْفَر:


(١). كذا بياض في الأَصل

<<  <  ج: ص:  >  >>