للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ ... ورَدَّ حُروباً قَدْ لَقِحْن إِلى عُقْرِ

الضَّمِيرُ فِي شدَّ عَائِدٌ عَلَى جَدِّ الْمَمْدُوحِ وَهُوَ أَبو مُوسَى الأَشعري. والتَّشائِي: التبايُنُ والتَّفَرُّق. والكَسْرُ؛ جَانِبُ الْبَيْتِ. والإِصَارُ: حَبْل قَصِيرٌ يُشَدُّ بِهِ أَسفلُ الْخِبَاءِ إِلى الْوَتِدِ، وإِنما ضَرَبَهُ مَثَلًا. وأَذْرُح: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وردَّ حُروباً قَدْ لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ

أَي رَجَعْن إِلى السُّكُونِ. وَيُقَالُ: رَجَعَت الحربُ إِلى عُقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. وعَقْرُ النَّوَى: صَرْفُها حَالًا بَعْدَ حَالٍ. والعاقِرُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا لَا يُنْبِت، يُشَبَّه بالمرأَة، وَقِيلَ: هِيَ الرَّمْلَةُ الَّتِي تُنْبِت جَنَبَتَاها وَلَا يُنْبِت وَسَطُها؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، ... عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها

وخَصَّ الأَلاء لأَنه مِنْ شَجَرِ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: الْعَاقِرُ رَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا؛ قَالَ:

أَمَّا الفُؤادُ، فَلَا يَزالُ مُوكَّلًا ... بِهَوَى حَمامةَ، أَو بِرَيّا العاقِر

حَمامَةُ: رَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَو أَكَمَة، وَقِيلَ: العاقِرُ الْعَظِيمُ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: الْعَظِيمُ مِنَ الرَّمْلِ لَا يُنْبِتُ شَيْئًا؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا

فإِنه فَسَّرَهُ فَقَالَ: العاقِرُ الَّتِي لَا مِثْلَ لَهَا. والدَّمُوك هُنَا: البَكَرة الَّتِي يُسْتقى بِهَا عَلَى السانِية، وعَقَرَه أَي جَرَحَه، فَهُوَ عَقِيرٌ وعَقْرَى، مثَّل جَرِيحٍ وجَرْحَى والعَقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَقَرَه يَعْقِره عَقْراً وعَقَّره. والعَقِيرُ: المَعْقورُ، وَالْجَمْعُ عَقْرَى، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ. وعَقَر الفرسَ والبعيرَ بِالسَّيْفِ عَقْراً: قَطَعَ قَوَائِمَهُ؛ وَفَرَسٌ عَقِيرٌ مَعْقورٌ، وَخَيْلٌ عَقْرى؛ قَالَ:

بسِلَّى وسِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ ... كِرامٍ، وعَقْرَى مِنْ كُمَيْتٍ وَمِنْ وَرْدِ

وناقةٌ عَقِيرٌ وَجَمَلٌ عَقِير. وَفِي حَدِيثِ

خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، لَمَّا تَزَوَّجَتْ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَسَتْ أَباها حُلَّةً وخَلَّقَتْه ونَحَرَتْ جَزُورًا، فَقَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ وَهَذَا العَبِيرُ وَهَذَا العَقِيرُ؟

أَي الْجَزُورُ الْمَنْحُورُ؛ قِيلَ: كَانُوا إِذا أَرادوا نَحْرَ الْبَعِيرِ عَقَرُوه أَي قَطَعُوا إِحدى قَوَائِمِهِ ثُمَّ نَحرُوه، يفْعل ذَلِكَ بِهِ كَيْلا يَشْرُد عِنْدَ النَّحْر؛ وَفِي النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَرَّ بحِمارٍ عَقِيرٍ

أَي أَصابَه عَقْرٌ وَلَمْ يَمُتْ بَعْدُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَثير. وعَقَرَ النَّاقَةَ يَعْقِرُها ويَعْقُرها عَقْراً وعَقَّرَها إِذا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ حَتَّى تَسْقُطَ فَنَحَرَها مُسْتمكناً مِنْهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعِيل مَصْرُوفٌ عَنْ مَفْعُولٍ بِهِ فإِنه بِغَيْرِ هَاءٍ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَهُوَ الْكَلَامُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مَا يُقَالُ بِالْهَاءِ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

ويومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطِيَّتي

فَمَعْنَاهُ نَحَرْتُهَا. وعاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه فِي عَقْر الإِبل، كَمَا يُقَالُ كارَمَه وفاخَرَه. وتعاقَر الرجُلان: عَقَرا إِبِلَهما يَتَباريَان بِذَلِكَ ليُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لَهَا؛ وَلَمَّا أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ قَوْلَهُ:

فَمَا كَانَ ذَنْبُ بنِي مَالِكٍ، ... بأَنْ سُبَّ مِنْهُمْ غُلامٌ فَسَبْ

بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ ... يَقُطُّ العِظامَ ويَبْرِي العَصَبْ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: يُرِيدُ مُعاقرةَ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَبي

<<  <  ج: ص:  >  >>