ضَادًا، وَبَنَى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ. عَلَى أَن قَوْلَهُ تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ مِنْ قَوْلِهِ ادْهَمَّمَا. لأَن مَعَ الْفِعْلِ فِي تَبْيَضِضِّي الْيَاءُ الَّتِي هِيَ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ، وَالضَّمِيرُ الْمَوْجُودُ فِي اللَّفْظِ، لَا يُبنى مَعَ الْفِعْلِ إِلَّا وَالْفِعْلُ عَلَى أَصل بِنائه الَّذِي أُريد بِهِ، والزيادةُ لَا تَكَادُ تَعْتَرِضُ بَيْنَهُمَا نَحْوَ ضرَبْتُ وقتلْتُ، إِلَّا أَن تَكُونَ الزِّيَادَةُ مَصُوغة فِي نَفْسِ الْمِثَالِ غَيْرَ مُنْفَكَّةٍ فِي التَّقْدِيرِ مِنْهُ، نَحْوَ سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ. وَمِنَ الزِّيَادَةِ لِلضَّرُورَةِ قَوْلُ الْآخَرِ:
باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام، ... والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ،
مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ
يُرِيدُ لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ. قَالَ: وأَمّا مَنْ رَوَاهُ جِدَبَّا، فَلَا نَظَرَ فِي رِوَايَتِهِ لأَنه الْآنَ فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ. قَالَ: وجَدُبَ الْمَكَانُ جُدُوبةً، وجَدَبَ، وأَجْدَبَ، ومكانٌ جَدْبٌ وجَدِيبٌ: بَيِّن الجُدوبةِ ومَجْدوبٌ، كَأَنه عَلَى جُدِبَ وَإِنْ لَمْ يُستعمل. قَالَ سَلامةُ بْنُ جَنْدل:
كُنَّا نَحُلُّ، إِذَا هَبَّتْ شآمِيةً، ... بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ، مَجْدُوبِ
والأَجْدَبُ: اسْمٌ للمُجْدِب. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ فِيهَا أَجادِبُ أَمْسَكَتِ الماءَ
؛ عَلَى أَن أَجادِبَ قَدْ يَكُونُ جمعَ أَجْدُب الَّذِي هُوَ جَمْعُ جَدْبٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ الَّتِي تُمْسِك الماءَ، فَلَا تَشْرَبه سَرِيعًا. وَقِيلَ: هِيَ الأَراضي الَّتِي لَا نَباتَ بِهَا مأْخُوذ مِنَ الجَدْبِ، وَهُوَ القَحْطُ، كأَنه جمعُ أَجْدُبٍ، وأَجْدُبٌ جَمْعُ جَدْبٍ، مِثْلَ كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَما أَجادِبُ فَهُوَ غَلَطٌ وَتَصْحِيفٌ، وكأَنه يُرِيدُ أَنّ اللَّفْظَةَ أَجارِدُ، بالراءِ وَالدَّالِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَهل اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَحادِبُ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي جاءَ فِي الرِّوَايَةِ أَجادِبُ، بِالْجِيمِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ جاءَ فِي صحيحَي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. وأَرض جَدْبٌ وجَدْبةٌ: مُجْدِبةٌ، وَالْجَمْعُ جُدُوبٌ، وَقَدْ قَالُوا: أَرَضُونَ جَدْبٌ، كَالْوَاحِدِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَرضٌ جُدُوب، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهَا جَدْباً ثُمَّ جَمَعُوهُ عَلَى هَذَا. وفَلاةٌ جَدْباءُ: مُجْدِبةٌ. قَالَ:
أَوْ فِي فَلَا قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ، ... مُجْدِبةٍ، جَدْباءَ، عَرْبَسِيسِ
والجَدْبةُ: الأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَلَا مَرْتَعٌ وَلَا كَلأٌ. وعامٌ جُدُوبٌ، وأَرضٌ جُدُوبٌ، وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب، وَهُوَ مَا حَوْلَه. وأَجْدَبَ القَوْمُ: أَصابَهُمُ الجَدْبُ. وأَجْدَبَتِ السَّنةُ: صَارَ فِيهَا جَدْبٌ. وأَجْدَبَ أَرْضَ كَذا: وجَدَها جَدْبةً، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وأَجْدَبَتِ الأَرضُ، فَهِيَ مُجْدِبةٌ، وجَدُبَتْ. وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذَا كَانَ العامُ مَحْلًا، فصارَتْ لَا تأْكُل إِلَّا الدَّرينَ الأَسْوَدَ، دَرِينَ الثُّمامِ، فَيُقَالُ لَهَا حِينَئِذٍ: جادَبَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute