للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خِرَقُ الْحَيْضِ، أَي فِي بَقاياها؛ وتَغَبَّرْتُ مِنَ المرأَة وَلَدًا. وتَزَوَّج رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ امرأَة قَدْ أَسنَّت فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لعلِّي أَتَغبَّر مِنْهَا وَلَدًا، فولدتْ لَهُ غُبَرَ. مِثالُ عُمَر، وَهُوَ غُبَرُ بنَ غَنْم بْنِ يَشْكُر بْنِ بَكْر بْنِ وَائِلٍ. وَنَاقَةٌ مِغْبار: تَغْزُرُ بَعْدَ مَا تَغْزُرُ اللَّواتِي يُنْتَجْن مَعَهَا. ونَعت أَعرابي نَاقَةً فَقَالَ: إِنَّها مِعْشارٌ مِشْكار مِغْبارٌ، فالمِغْبار مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، والمِشْكار الغَزيرة عَلَى قِلَّة الحَظِّ مِنَ المَرْعى، والمِعشَار تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَنباري: الغابِرُ الْبَاقِي فِي الأَشْهَر عِنْدَهُمْ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لِلْمَاضِي غابِرٌ؛ قَالَ الأَعشى فِي الغابِرِ بِمَعْنَى الْمَاضِي:

عَضَّ بِما أَبْقى المَواسي لَهُ، ... مِنْ أُمِّه، فِي الزَّمَن الغابِرِ

أَراد الماضي. قال الأَزهري: والعروف فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن الغابِرَ الْبَاقِي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغُبَّرات البَقايا، وَاحِدُهَا غابِرٌ، ثُمَّ يُجْمَعُ غُبَّراً، ثُمَّ غُبَّرات جَمْعُ الْجَمْعِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ أَئمة اللُّغَةِ: إِن الغابرَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَاضِي. وَدَاهِيَةُ الغَبَرِ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاهِيَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يُهتدى لِمِثْلها؛ قَالَ الحرْمازي يَمْدَحُ المنذِرَ بنَ الجارُودِ:

أَنت لَهَا مُنْذِرُ، مِنْ بَيْنِ البَشَرْ، ... داهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاء الغَبَرْ

يُرِيدُ يَا مُنْذِرُ. وَقِيلَ: دَاهِيَةُ الغَبَرِ الَّذِي يعانِدُك ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى قَوْلِكَ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: مَا غَبَّرْت إِلا لِطَلَب المِراء. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ أَمثالهم فِي الدَّهاءِ والإِرْب: إِنه لَدَاهِيَةُ الغَبَر؛ وَمَعْنَى شِعْرِ الْمُنْذِرِ يَقُولُ: إِن ذُكِرتْ يَقُولُونَ لَا تَسْمَعُوهَا فإِنها عَظِيمَةٌ؛ وأَنشد:

قَدْ أَزِمَتْ إِن لَمْ تُغَبَّرْ بِغَبَرْ

قَالَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ جُرْح غَبِرٌ. وَدَاهِيَةُ الغَبَر: بَلِيَّةٌ لَا تَكَادُ تَذْهَبُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وعاصِماً سَلَّمَهُ مِنَ الغدَرْ ... مِنْ بَعْدِ إِرْهان بصَمَّاء الغَبَرْ

قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يَقُولُ أَنجاه مِنَ الْهَلَاكِ بَعْدَ إِشراف عَلَيْهِ. وإِرْهانُ الشَّيْءِ: إِثباتُه وإِدامتُه. والغَبَرُ: الْبَقَاءُ والغَبَرُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: التُّراب؛ عَنْ كُرَاعٍ. والغَبَرةُ والغُبار: الرَّهَجُ، وَقِيلَ: الغَبَرةُ تردُّد الرَّهَجِ فإِذا ثَارَ سُمّي غُباراً. والغُبْرة: الغُبار أَيضاً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِعَيْنَيَّ لَمْ تَسْتأْنسا يومَ غُبْرَةٍ، ... وَلَمْ تَرِدا أَرضَ العِراق فَتَرْمَدَا

وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

فَرَّجْت هَاتِيكَ الغُبَرْ ... عَنَّا، وَقَدْ صَابَتْ بقُرْ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه عَنَى غُبَر الجَدْب لأَن الأَرض تَغْبَرُّ إِذا أَجْدَبَتْ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن غُبَر هَاهُنَا مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَوْ تَعْلَمُونَ مَا يَكُونَ فِي هَذِهِ الأُمَّة مِنَ الْجُوعِ الأَغْبَرِ والمَوْت الأَحْمر

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِنْ أَحسن الاستِعارات لأَن الْجُوعَ أَبداً يَكُونُ فِي السِّنِينَ المُجدبة، وسِنُو الجَدْب تُسمَّى غُبْراً لاغْبرار آفَاقِهَا مِنْ قلَّة الأَمطار وأَرَضِيها مِنْ عَدَم النَّبَاتِ والاخْضِرار، والموتُ الأَحمرُ الشَّدِيدُ كأَنه موتٌ بالقَتْل وإِراقة الدِّمَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عبدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ: يُخَرّب البَصْرةَ الجُوعُ الأَغْبَر وَالْمَوْتُ الأَحْمَرُ

؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>