حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَعانني فُلانٌ فأَغْدَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَلْبِي مَوَدَّةً أَي أَبْقاها. والغُدرَة: مَا أُغْدِرَ مِنْ شَيْءٍ، وَهِيَ الغُدَارة؛ قَالَ الأَفْوه:
فِي مُضَرَ الحَمْراء لَمْ يَتَّركْ ... غُدَارةً، غَيْرَ النِّساء الجُلوس
وَعَلَى بَنِي فُلَانٍ غَدَرةٌ مِنَ الصدقَة وغَدَرٌ أَي بَقِيَّةٌ. وأَلْقَت الناقةُ غَدَرَها أَي مَا أَغْدَرَتْه رَحِمُها مِنَ الدَّمِ والأَذى. ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَلقتِ الشَّاةُ غُدُورَها وَهِيَ بَقَايَا وأَقذاءٌ تَبْقَى فِي الرَّحِمِ تُلْقِيهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَاحِدَةُ الغِدَر غِدْرة وَيُجْمَعُ غِدَراً وغِدَرات؛ وَرَوَى بَيْتَ الأَعشى:
لَهَا غِدَرات واللواحِقُ تَلْحَق
وَبِهِ غادِرٌ مِنْ مَرَضٍ وغابِرٌ أَي بَقِيَّةٌ. وغادَرَ الشَّيْءَ مُغَادَرة وغِداراً وأَغْدَرَه: تَرَكَهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَيْتَنِي غُودِرْت مَعَ أَصحاب نُحْصِ الْجَبَلِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ يَا لَيْتَنِي اسْتُشْهدْتُ مَعَهُمْ، النُّحْص: أَصل الْجَبَلِ وسَفْحُه، وأَراد بأَصحاب النُّحْصِ قَتْلى أُحُد وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَصحابه حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرةَ الكُدْر فأَغْدَرُوه
؛ أَي تَرَكُوهُ وخلَّفوه، وَهُوَ مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَذُكِرَ حُسْنِ سياستِه فَقَالَ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لأَغْدَرْتُ بعضَ مَا أَسُوق
أَي خَلَّفْت؛ شَبَّه نَفْسَه بِالرَّاعِي ورَعِيَّتَه بالسَّرْح، وَرُوِيَ: لغَدَّرْت أَي لأَلْقَيْتُ النَّاسَ فِي الغَدَر، وَهُوَ مَكَانٌ كَثِيرُ الْحِجَارَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً
؛ أَي لَا يَتْرُكُ. وغادَرَ وأَغْدَرَ بِمَعْنًى واحدٍ. والغَدِير: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمَاءِ يُغادِرُها السَّيْلُ أَي يَتْرُكُهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ فَهُوَ إِذاً فَعِيل فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ عَلَى اطِّراح الزَّائِدِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنه مِنَ الغَدْر لأَنه يَخُونُ وُرَّادَه فيَنْضُب عَنْهُمْ ويَغْدر بأَهله فَيَنْقَطِعُ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِليه؛ وَيُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
ومِنْ غَدْره نَبَزَ الأَوّلون، ... بأَنْ لَقَّبوه، الغَدِير، الغدِيرا
أَراد: مِنْ غَدْرِهِ نَبَزَ الأَولون الغَدير بأَن لقَّبوه الغَدِير، فَالْغَدِيرُ الأَول مَفْعُولُ نَبَزَ، وَالثَّانِي مَفْعُولُ لقَّبوه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الغَدِيرُ اسْمٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا مَاءٌ غَدِير، وَالْجَمْعُ غُدُرٌ وغُدرَانٌ. واسْتَغْدَرَتْ ثَمَّ غُدْرٌ: صَارَتْ هُنَاكَ غُدْرَانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَادِمًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فسأَله عَنْ خِصْب الْبِلَادِ فَحَدَّثَ أَن سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخضرَّت لَهَا الأَرض، وَفِيهَا غُدُرٌ تَنَاخَسُ والصيدُ قَدْ ضَوَى إِليها
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبّ بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ. اللَّيْثُ: الغَدِيرُ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ ماءِ الْمَطَرِ، صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، غَيْرَ أَنه لَا يَبْقَى إِلى الْقَيْظِ إِلا مَا يَتَّخِذُهُ النَّاسُ مِنْ عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْريجٍ أَو حَائِرٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العِدّ الماءُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ، وَلَا يُسَمَّى الْمَاءُ الَّذِي يُجْمَعُ فِي غَدِير أَو صِهْرِيجٍ أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن العِدّ مَا يَدُومُ مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ والرَّكِيَّةِ. الْمُؤَرِّجُ: غَدَر الرجلُ يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شَرِبَ مِنْ مَاءِ الغَدِيرِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ غَدِرَ يَغْدَرُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا غَدَرَ مِثْلَ كَرِعَ إِذا شَرِبَ الكَرَعَ. والغَدِيرُ: السَّيْفُ، عَلَى التَّشْبِيهِ، كَمَا يُقَالُ لَهُ اللُّجّ. والغَدِيرُ: الْقِطْعَةُ مِنَ النَّبَاتِ، عَلَى التَّشْبِيهِ أَيضاً، وَالْجَمْعُ غُدْران لَا غَيْرَ. وغَدِر فلانٌ بَعْدَ إِخْوته أَي مَاتُوا وَبَقِيَ هُوَ. وغَدِر عَنْ أَصحابه: تخلَّف. وغَدِرَت الناقةُ عَنِ الإِبل والشاةُ عَنِ الْغَنَمِ غَدْراً: تَخَلَّفَتْ عَنْهَا، فإِن تَرَكَهَا