للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العَقَبةِ:

إنَّكم تُبايِعون مُحَمَّدًا عَلَى أَن تُحارِبُوا العَربَ والعَجَم مُجْلِبةً

أَي مُجْتَمِعِينَ عَلَى الحَرْب. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بالباءِ. قَالَ: وَالرِّوَايَةُ بِالْيَاءِ، تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ورَعْدٌ مُجَلِّبٌ: مُصَوِّتٌ. وغَيْثٌ مُجَلِّبُ: كَذَلِكَ. قَالَ:

خَفاهُنَّ مِنْ أَنْفاقهِنَّ كأَنَّما ... خَفاهُنَّ وَدْقٌ، مِنْ عَشِيٍّ، مُجَلِّبُ

وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:

بِحَيَّةِ قَفْرٍ، فِي وِجارٍ، مُقِيمة ... تَنَمَّى بِها سَوْقُ المَنى والجَوالِبِ

أَراد ساقَتْها جَوالبُ القَدَرِ، وَاحِدَتُهَا جالبةٌ. وامرأَةٌ جَلَّابةٌ ومُجَلِّبةٌ وجلِّبانةٌ وجُلُبَّانةٌ وجِلِبْنانةٌ وجُلُبْنانةٌ وتِكِلَّابةٌ: مُصَوِّتةٌ صَخّابةٌ، كَثِيرَةُ الْكَلَامِ، سَيِّئَةُ الخُلُق، صاحِبةُ جَلَبةٍ ومُكالَبةٍ. وَقِيلَ: الجُلُبّانَة مِنَ النِّسَاءِ: الجافِيةُ، الغَلِيظةُ، كأَنَّ عَلَيْهَا جُلْبةً أَي قِشْرة غَلِيظة، وعامّةُ هَذِهِ اللُّغَاتِ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وأَنشد لحُميد بْنِ ثَوْرٍ.

جِلِبْنانةٌ، وَرْهاءُ، تَخْصِي حِمارَها، ... بِفي، مَنْ بَغَى خَيْراً إلَيْها، الجَلامِدُ

قَالَ: وأَما يَعْقُوبُ فَإِنَّهُ رَوَى جِلِبَّانةٌ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَيْسَتِ لَامُ جِلِبَّانةٍ بَدَلًا مِنْ راءِ جِرِبَّانةٍ، يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ وُجُودُكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلًا ومُتَصَرَّفاً واشْتِقاقاً صَحِيحًا؛ فأَمّا جِلِبَّانة فَمِنَ الجَلَبةِ والصِّياحِ لأَنها الصَّخَّابة. وأَما جِرِبَّانةٌ فمِن جَرَّبَ الأُمورَ وتصَرَّفَ فِيهَا، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا: تَخْصِي حِمارَها، فَإِذَا بَلَغَتِ المرأَة مِنَ البِذْلةِ والحُنْكةِ إِلَى خِصاءِ عَيْرها، فَناهِيكَ بِهَا فِي التَّجْرِبةِ والدُّرْبةِ، وَهَذَا وَفْقُ الصَّخَب والضَّجَر لأَنه ضِدُّ الحيَاء والخَفَر. ورَجلٌ جُلُبَّانٌ وجَلَبَّانٌ: ذُو جَلَبةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تُدْخَلُ مَكّةُ إلَّا بجُلْبان السِّلاح.

جُلْبانُ السِّلاح: القِرابُ بِمَا فِيهِ. قَالَ شِمْرٌ: كأَنَّ اشْتِقَاقَ الجُلْبانِ مِنَ الجُلْبةِ وَهِيَ الجِلْدَة الَّتِي تُوضع عَلَى القَتَبِ والجِلْدةُ الَّتِي تُغَشِّي التَّمِيمةَ لأَنها كالغِشاءِ للقِراب؛ وَقَالَ جِرانُ العَوْد:

نَظَرتُ وصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ، ... وجُلْبُ الليلِ يَطْرُدُه النَّهارُ

أَرَادَ بجُلْبِ اللَّيْلِ: سَوادَه. وَرُوِيَ

عَنِ البَراء بْنِ عَازِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لَمَّا صالَحَ رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المُشْرِكِين بالحُدَيْبِيةِ: صالحَهم عَلَى أَن يَدْخُلَ هُوَ وأَصحابُه مِنْ قَابِلٍ ثلاثةَ أَيام وَلَا يَدْخُلُونها إلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ؛ قَالَ فسأَلته: مَا جُلُبَّانُ السّلاحِ؟ قَالَ: القِرابُ بِمَا فِيه.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القِرابُ: الغِمْدُ الَّذِي يُغْمَدُ فِيهِ السَّيْفُ، والجُلُبَّانُ: شِبْه الجِرابِ مِنَ الأَدَمِ يُوضَعُ فِيهِ السَّيْفُ مَغْمُوداً، ويَطْرَحُ فِيهِ الرَّاكِبُ سَوْطَه وأَداتَه، ويُعَلِّقُه مِنْ آخِرةِ الكَوْرِ، أَو فِي واسِطَتِه. واشْتِقاقُه مِنَ الجُلْبة، وَهِيَ الجِلْدةُ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى القَتَبِ. وَرَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَاللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ، قَالَ: وَهُوَ أَوْعِيةُ السِّلَاحِ بِمَا فِيهَا. قَالَ: وَلَا أُراه سُمي بِهِ إِلَّا لجَفائِه، وَلِذَلِكَ قِيلَ للمرأَة الغَلِيظة الجافِيةِ: جُلُبّانةٌ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَلَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بجُلْبانِ السِّلاح السيفِ والقَوْس وَنَحْوِهِمَا؛ يُرِيدُ ما يُحتاجُ إليه في إِظْهَارِهِ والقِتال بِهِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>