عَلَى لَفْظِ الْجَمَاعَةِ، بِالنُّونِ، عَنِ الْعَرَبِ، وَهِيَ الدَّوَاهِي، كَمَا قَالُوا مَرَقَهُ مَرَقِينَ «١» وأَما قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَاذَا فِي الأَمَرَّينِ مِنَ الشِّفاء
، فإِنه مُثَنًّى وَهُمَا الثُّفَّاءُ والصَّبِرُ، والمَرارَةُ فِي الصَّبِرِ دُونَ الثُّفَّاءِ، فغَلَّبَه عَلَيْهِ، والصَّبِرُ هُوَ الدَّوَاءُ الْمَعْرُوفُ، والثُّفَّاءُ هُوَ الخَرْدَلُ؛ قَالَ: وإِنما قَالَ الأَمَرَّينِ، والمُرُّ أَحَدُهما، لأَنه جَعَلَ الحُروفةَ والحِدَّةَ الَّتِي فِي الْخَرْدَلِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَارَةِ وَقَدْ يُغَلِّبُونَ أَحد الْقَرِينَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَيَذْكُرُونَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وتأْنيث الأَمَرِّ المُرَّى وَتَثْنِيَتُهَا المُرَّيانِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الْوَصِيَّةِ: هُمَا المُرَّيان: الإِمْساكُ فِي الحياةِ والتَّبْذِيرُ عنْدَ المَمات
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ هُمَا الْخَصْلَتَانِ الْمُرَّتَانِ، نَسَبَهُمَا إِلى الْمَرَارَةِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ مَرَارَةِ المأْثم. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: المُرَّيان تَثْنِيَةُ مُرَّى مِثْلَ صُغْرى وَكُبْرَى وصُغْرَيان وكُبْرَيانِ، فَهِيَ فُعْلَى مِنَ الْمَرَارَةِ تأْنيث الأَمَرِّ كالجُلَّى والأَجلِّ، أَي الْخَصْلَتَانِ الْمُفَضَّلَتَانِ فِي الْمَرَارَةِ عَلَى سَائِرِ الْخِصَالِ المُرَّة أَن يَكُونَ الرَّجُلُ شَحِيحًا بِمَالِهِ مَا دَامَ حَيًّا صَحِيحًا، وأَن يُبَذِّرَه فِيمَا لَا يُجْدِي عَلَيْهِ مِنَ الْوَصَايَا الْمَبْنِيَّةِ عَلَى هَوَى النَّفْسِ عِنْدَ مُشارفة الْمَوْتِ. وَالْمَرَارَةُ: هَنَةٌ لَازِقَةٌ بالكَبد وَهِيَ الَّتِي تُمْرِئُ الطَّعَامَ تَكُونُ لِكُلِّ ذِي رُوحٍ إِلَّا النَّعامَ والإِبل فإِنها لَا مَرارة لَهَا. والمارُورَةُ والمُرَيرَاءُ: حَبٌّ أَسود يَكُونُ فِي الطَّعَامِ يُمَرُّ مِنْهُ وَهُوَ كالدَّنْقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُخرج مِنْهُ فيُرْمى بِهِ. وَقَدْ أَمَرَّ: صَارَ فِيهِ المُرَيْراء. وَيُقَالُ: قَدْ أَمَرَّ هَذَا الطَّعَامُ فِي فَمِي أَي صَارَ فِيهِ مُرّاً، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَصِيرُ مُرّاً، والمَرارَة الِاسْمُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَرَّ الطَّعَامُ يَمُرّ مَرارة، وَبَعْضُهُمْ: يَمَرُّ، وَلَقَدْ مَرَرْتَ يا طَعامُ وأَنت تَمُرُّ؛ وَمَنْ قَالَ تَمَرُّ قَالَ مَرِرْتَ يَا طَعَامُ وأَنت تَمَرُّ؛ قَالَ الطرمَّاح:
لَئِنْ مَرَّ فِي كِرْمانَ لَيْلي، لرُبَّما ... حَلا بَيْنَ شَطَّي بابِلٍ فالمُضَيَّحِ
والمَرارَةُ: الَّتِي فِيهَا المِرَّةُ، والمِرَّة: إِحدى الطَّبَائِعِ الأَربع؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمِرَّةُ مِزاجٌ مِنْ أَمْزِجَةِ الْبَدَنِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ مُررْتُ بِهِ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ أُمَرُّ مَرًّا ومَرَّة. وَقَالَ مَرَّة: المَرُّ الْمَصْدَرُ، والمَرَّة الِاسْمُ كَمَا تَقُولُ حُمِمْتُ حُمَّى، وَالْحُمَّى الِاسْمُ. والمَمْرُور: الَّذِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ المِرَّةُ، والمِرَّةُ الْقُوَّةُ وَشِدَّةُ الْعَقْلِ أَيضاً. وَرَجُلٌ مَرِيرٌ أَي قَوِيُّ ذُو مِرّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغَنِيٍّ وَلَا لِذي مِرَّةَ سَوِيٍ
؛ المِرَّةُ: القُوَّةُ والشِّدّةُ، والسَّوِيُّ: الصَّحيحُ الأَعْضاءِ. والمَرِيرُ والمَرِيرَةُ: العزيمةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا أَنْثَني مِنْ طِيرَةٍ عَنْ مَرِيرَةٍ، ... إِذا الأَخْطَبُ الدَّاعي عَلَى الدَّوحِ صَرْصَرا
والمِرَّةُ: قُوّةُ الخَلْقِ وشِدّتُهُ، وَالْجَمْعُ مِرَرٌ، وأَمْرارٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ:
قَطَعْتُ، إِلى مَعْرُوفِها مُنْكراتِها، ... بأَمْرارِ فَتْلاءِ الذِّراعَين شَوْدَحِ
ومِرَّةُ الحَبْلِ: طاقَتُهُ، وَهِيَ المَرِيرَةُ، وَقِيلَ: المَرِيرَةُ الْحَبْلُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ طَوِيلٌ دَقِيقٌ؛ وَقَدْ أمْرَرْتَه. والمُمَرُّ: الْحَبْلُ الَّذِي أُجِيدَ فَتْلُهُ، وَيُقَالُ المِرارُ والمَرُّ. وَكُلُّ مَفْتُولٍ مُمَرّ، وَكُلُّ قُوَّةٍ مِنْ قُوَى الْحَبْلِ مِرَّةٌ، وَجَمْعُهَا مِرَرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَصابه فِي سَيْرِهِ المِرَارُ
أَي الْحَبْلُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا فُسِّرَ، وإِنما الحبل
(١). قوله [مرقه مرقين] كذا بالأصل.