للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجَنَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ فَرَسٌ، فَإِذَا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكاةِ والسِّباقِ:

لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ

، وَهَذَا فِي سِباقِ الخَيْل. والجَنَبُ فِي السِّبَاقِ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عِنْدَ الرِّهانِ إِلَى فَرَسِه الَّذِي يُسابِقُ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَتَر المَرْكُوبُ تحَوَّلَ إِلَى المَجْنُوبِ، وَذَلِكَ إِذَا خَافَ أَن يُسْبَقَ عَلَى الأَوَّلِ؛ وَهُوَ فِي الزَّكَاةِ: أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مَوَاضِعِ أَصحاب الصَّدَقَةِ ثُمَّ يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ إِلَيْهِ أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: هُوَ أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَه عَنْ موضِعه، حَتَّى يَحْتاجَ العامِلُ إِلَى الإِبْعاد فِي اتِّباعِه وطَلَبِه. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِيَةِ:

كانَ اللهُ قَدْ قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين.

أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ، أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ. يُقَالُ: مَا فَعَلْتَ فِي جَنْبِ حاجَتي أَي فِي أَمْرِها. والجَنْبُ: القِطْعة مِنَ الشيءِ تَكُونُ مُعْظَمَه أَو شَيْئًا كَثِيراً مِنْهُ. وجَنَبَ الرَّجلَ: دَفَعَه. ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ: غَرِيبٌ، وَالْجَمْعُ أَجْنابٌ. وَفِي حَدِيثِ

مُجاهد فِي تَفْسِيرِ السَّيَّارَةِ قَالَ: هُمْ أَجْنابُ النَّاسِ

، يَعْنِي الغُرَباءَ، جَمْعُ جُنُبٍ، وَهُوَ الغَرِيبُ، وَقَدْ يُفْرَدُ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يؤَنث. وَكَذَلِكَ الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ. أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

هَلْ فِي القَضِيَّةِ أَنْ إِذَا اسْتَغْنَيْتُمُ ... وأَمِنْتُمُ، فأَنا البعِيدُ الأَجْنَبُ

وَفِي الحديث:

الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ مِنْ هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ

أَي إنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ، إِذَا أَهْدَى لَكَ هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ مِنْهَا، فأَعْطِه فِي مُقابَلة هدِيَّتِه. وَمَعْنَى المُسْتَغْزِر: الَّذِي يَطْلُب أَكثر مِمَّا أَعْطَى. وَرَجُلٌ أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْكَ فِي القَرابةِ، وَالِاسْمُ الجَنْبةُ والجَنابةُ. قَالَ:

إِذَا مَا رَأَوْني مُقْبِلًا، عَنْ جَنابةٍ، ... يَقُولُونَ: مَن هَذَا، وَقَدْ عَرَفُوني

وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ

فَسَّرَهُ، فَقَالَ: يَعْنِي الأَجْنَبيَّ. والجَنِيبُ: الغَرِيبُ. وجَنَبَ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إِذَا نَزَلَ فِيهِمْ غَرِيباً، فَهُوَ جانِبٌ، وَالْجَمْعُ جُنَّابٌ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ، وَرَجُلٌ جُنُبٌ بِمَعْنَى غَرِيبٍ، وَالْجُمَعُ أَجْنابٌ. وَفِي حَدِيثِ

الضَّحَّاك أَنه قَالَ لجارِية: هَلْ مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ قَالَ: عَلَى جانِبٍ الخَبَرُ

أَي عَلَى الغَرِيبِ القادِمِ. وَيُقَالُ: نِعْم القَوْمُ هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ. والجَنابةُ: ضِدّ القَرابةِ، وَقَوْلُ عَلْقَمَة بْنِ عَبَدةَ:

وَفِي كلِّ حيٍّ قَدْ خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ، ... فَحُقَّ لشأْسٍ، مِن نَداكَ، ذَنُوبُ

فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلًا عَنْ جَنابةٍ، ... فَإِنِّي امْرُؤٌ، وَسْطَ القِبابِ، غَرِيبُ

عَنْ جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة. قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ بنَ جَبَلةَ يَمْدَحُهُ، وَكَانَ قَدْ أَسَرَ أَخاه شَأْساً. مَعْنَاهُ: لَا تَحْرِمَنِّي بعدَ غُرْبَةٍ وبُعْدٍ عَنْ دِياري. وَعَنْ، فِي قَوْلِهِ عَنْ جنابةٍ، بِمَعْنَى بَعْدَ، وأَراد بالنائلِ إطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ مِنْ سِجْنِه، فأَطْلَقَ لَهُ أَخاه

<<  <  ج: ص:  >  >>