للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَفَ قَنَاةً تَنْبُتُ فِي مَوْضِعٍ مَحْفُوفٍ بِالْجِبَالِ وَالشَّجَرِ؛ وَقَبْلُهُ:

حُفَّتْ بأَطوادِ جبالٍ وسَمُرْ، ... فِي أَشَبِ الغِيطانِ مُلْتَفِّ الحُظُرْ

يَقُولُ: حُفَّ مَوْضِعُ هَذِهِ الْقَنَاةِ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ بأَطواد الْجِبَالِ وبالسَّمُرِ، وَهُوَ جَمْعُ سَمُرَةٍ، وَهِيَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ. والأَشَبُ: الْمَكَانُ المُلْتَفُّ النَّبْتِ الْمُتَدَاخِلُ. والغِيطانُ: جَمْعُ غَائِطٍ، وَهُوَ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض. والحُظُرُ: جَمْعُ حَظِيرَةٍ. والعَيَّالُ: المُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيِهِ. وعَيايِيلُ: جَمْعُهُ. وأُسُودٌ بَدَلٌ مِنْهُ، ونُمُر مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ للرجل السيء الخُلُقِ: قَدْ نَمِرَ وتَنَمَّرَ. ونَمَّرَ وجهَه أَي غَيَّره وعَبَّسَه. والنَّمِرُ لَوْنُهُ أَنْمَرُ وَفِيهِ نُمْرَةٌ مُحْمَرَّةٌ أَو نُمْرَةٌ بَيْضَاءُ وَسَوْدَاءُ، وَمِنْ لَوْنِهِ اشْتُقَّ السحابُ النَّمِرُ، والنَّمِرُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي فِيهِ آثَارٌ كَآثَارِ النَّمِر، وَقِيلَ: هِيَ قِطَعٌ صِغَارٌ مُتَدَانٍ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا نَمِرَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ: أَرِنِيها نَمِرَة أُرِكْها مَطِرَة، وَسَحَابٌ أَنْمَرُ وَقَدْ نَمِرَ السحابُ، بِالْكَسْرِ، يَنْمَرُ نَمَراً أَي صَارَ عَلَى لَوْنِ النَّمِر تَرَى فِي خَلَلِه نِقاطاً. وَقَوْلُهُ: أَرنيها نَمِرَةً أُرِكْها مَطِرَةً، قَالَ الأَخفش: هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً؛ يُرِيدُ الأَخْضَرَ. والأَنْمَرُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي عَلَى شِبْهِ النَّمِر، وَهُوَ أَن يَكُونَ فِيهِ بُقْعَة بَيْضَاءُ وَبُقْعَةٌ أُخرى عَلَى أَيّ لَوْنٍ كَانَ. والنَّعَمُ النُّمْرُ: الَّتِي فِيهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، جَمْعُ أَنْمَر. الأَصمعي: تَنَمَّرَ لَهُ أَي تَنَكَّر وتَغَيَّرَ وأَوعَدَه لأَن النَّمِرَ لَا تَلْقَاهُ أَبداً إِلا مُتَنَكِّراً غضْبانَ؛ وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:

وعلِمْتُ أَنِّي، يومَ ذاكَ، ... مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدا

قَوْمٌ، إِذا لبِسُوا الحَدِيدَ ... تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا

أَي تَشَبَّهُوا بالنَّمِرِ لِاخْتِلَافِ أَلوان القِدِّ وَالْحَدِيدِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بِكَعْبٍ بَنِي الحرثِ بْنِ كَعْبٍ وَهُمْ مِنْ مَذْحِج ونَهْدٌ مِنْ قُضاعة، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حُرُوبٌ، وَمَعْنَى تَنَمَّرُوا تَنَكَّرُوا لِعَدُوِّهِمْ، وأَصله مِنَ النَّمِر لأَنه مِنْ أَنكر السِّبَاعِ وأَخبثها. يُقَالُ: لَبِسَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ جلدَ النَّمِرِ إِذا تَنَكَّرَ لَهُ، قَالَ: وَكَانَتْ مُلُوكُ الْعَرَبِ إِذا جَلَسَتْ لِقَتْلِ إِنسان لَبِسَتْ جُلُودَ النَّمِرِ ثُمَّ أَمرت بِقَتْلِ مَنْ تُرِيدُ قَتَلَهُ، وأَراد بِالْحَلْقِ الدُّرُوعَ، وبالقدِّ جِلْدًا كَانَ يَلْبَسُ فِي الْحَرْبِ، وَانْتَصَبَا عَلَى التَّمْيِيزِ، وَنَسَبَ التَّنَكُّرَ إِلى الْحَلْقِ والقدِّ مَجَازًا إِذ كَانَ ذَلِكَ سَببَ تَنَكُّر لابِسِيهما، فكأَنه قَالَ تَنَكَّر حَلَقُهم وقِدُّهم، فَلَمَّا جَعَلَ الْفِعْلَ لَهُمَا انْتَصَبَا عَلَى التَّمْيِيزِ، كَمَا تَقُولُ: تَنَكَّرَتْ أَخلاقُ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَقُولُ: تَنَكَّرَ القومُ أَخْلاقاً. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبِية:

قَدْ لَبِسُوا لَكَ جُلودَ النُّمورِ

؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْحِقْدِ وَالْغَضَبِ تَشْبِيهًا بأَخْلاقِ النَّمِر وشَراسَتِه. ونَمِرَ الرجلُ ونَمَّر وتَنَمَّر: غَضِب، وَمِنْهُ لَبِسَ لَهُ جلدَ النَّمِرِ. وأَسدٌ أَنْمَرُ: فِيهِ غُبْرَةٌ وَسَوَادٌ. والنَّمِرَةُ: الحِبَرَةُ لِاخْتِلَافِ أَلوان خُطُوطِهَا. والنَّمِرَةُ: شَملة فِيهَا خُطُوطٌ بِيضٌ وَسُودٌ. وطيرٌ مُنَمَّرٌ: فِيهِ نُقَط سُودٌ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ البُرودُ. ابْنُ الأَعرابي: النُّمْرَةُ البَلَقُ، والنَّمِرَةُ العَصْبَةُ، والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ مُخَطَّطَةٌ، والنَّمِرَةُ الأُنثى مِنَ النَّمِر؛ الْجَوْهَرِيُّ: والنَّمِرَةُ بُرْدَةٌ مِنْ صُوفٍ يَلْبَسُهَا الأَعراب. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَجَاءَهُ قَوْمٌ مُجْتابي النِّمار

؛

<<  <  ج: ص:  >  >>