وَصَارَ خَرِفاً. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: إِذا لَمْ يَعْقِلْ مِنَ الكِبَرِ قِيلَ أُهْتِرَ، فَهُوَ مُهْتَرٌ، والاستهتارُ مِثْلُهُ. قَالَ يَعْقُوبُ: قِيلَ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ قَدْ أُهْتِرَتْ: إِن فُلَانًا قَدْ أَرسل يَخْطُبُكِ، فَقَالَتْ: هَلْ يُعْجِلُني أَن أَحِلَّ؛ مَا لَه؟ أُلَّ وغُلَّ مَعْنَى قَوْلِهَا: أَن أَحلَّ أَن أَنزل، وَذَلِكَ لأَنها كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ رَاكِبَةً بَعِيرًا لَهَا وَابْنَهَا يَقُودُهَا. وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: تُلَّ وغُلَّ أَي صُرِعَ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَفُلَانٌ مُسْتَهْتَرٌ بِالشَّرَابِ أَي مُولَعٌ بِهِ لَا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ. وهَتَره الكِبَرُ، والتَّهْتارُ تَفْعال مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْبِنَاءُ يُجَاءُ بِهِ لِتَكْثِيرِ الْمَصْدَرِ. والتَّهَتُّرُ: كالتَّهْتارِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ: فُلَانٌ يُهاتِرُ فُلَانًا مَعْنَاهُ يُسابُّه بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المُهاتَرَةُ الْقَوْلُ الَّذِي يَنْقُضُ بعضُه بَعْضًا. وأُهْتِرَ الرجلُ فَهُوَ مُهْتَرٌ إِذا أُولِعَ بِالْقَوْلِ فِي الشَّيْءِ. واسْتُهْتِرَ فُلَانٌ فَهُوَ مُسْتَهْتَرٌ إِذا ذَهَبَ عَقْلُهُ فِيهِ وَانْصَرَفَتْ هِمَمُه إِليه حَتَّى أَكثر الْقَوْلَ فِيهِ بِالْبَاطِلِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهاتَرانِ ويَتَكاذَبانِ ويَتقاوَلانِ ويَتَقابَحانِ فِي الْقَوْلِ
، مِنَ الهِتْرِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْبَاطِلُ والسَّقَطُ مِنَ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ أَن أَكون مِنَ المُسْتَهْتَرين.
يُقَالُ: اسْتُهْتِر فُلَانٌ، فَهُوَ مُسْتَهْتَر إِذا كَانَ كَثِيرُ الأَباطيل، والهِتْرُ: الباطلُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي المُبْطِلينَ فِي الْقَوْلِ والمُسْقِطِينَ فِي الْكَلَامِ، وَقِيلَ: الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ مَا قِيلَ لَهُمْ وَمَا شُتِمُوا بِهِ، وَقِيلَ: أَراد المُسْتَهْتَرِينَ بِالدُّنْيَا. ابْنُ الأَعرابي: الهُتَيْرَةُ تَصْغِيرُ الهِتْرَةِ، وَهِيَ الحَمْقَةُ المُحْكَمَةُ. الأَزهري: التَّهْتارُ مِنَ الحُمْقِ وَالْجَهْلِ؛ وأَنشد:
إِن الفَزارِيَّ لَا يَنْفَكُّ مُغْتَلِماً، ... مِنَ النَّواكَةِ، تَهْتاراً بِتَهْتارِ
قَالَ: يُرِيدُ التَّهَتُّرَ بالتَّهَتُّرِ، قَالَ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ خَاصَّةً دَهْداراً بِدَهْدارِ، وَذَلِكَ أَن مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ بَعْضَ التَّاءَاتِ فِي الصُّدُورِ دَالًا، نَحْوَ الدُّرْياقِ والدِّخْرِيص لُغَةٌ فِي التِّخْرِيص، وَهُمَا مُعَرَّبَانِ. والهِتْرُ: العَجَبُ وَالدَّاهِيَةُ. وهِتْرٌ هاتِرٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ وأَنشد بَيْتُ أَوس بْنِ حَجَرٍ:
يُرَاجِعُ هِتْرًا مِنْ تُمَاضِرَ هَاتِرًا
وإِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ أَي دَاهِيَةِ دَواهٍ. الأَزهري: وَمِنْ أَمثالهم فِي الدَّاهِي المُنْكَرِ: إِنه لهِتْرُ أَهْتارٍ وإِنه لَصِلُّ أَصْلالٍ. وتَهاتَرَ القومُ: ادَّعَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بَاطِلًا. وَمَضَى هِتْرٌ مِنَ اللَّيْلِ إِذا مَضَى أَقَلُّ مِنْ نِصْفِهِ؛ عَنِ ابن الأَعرابي.
هتكر: التهذب: الهَيْتَكُورُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَسْتَيْقِظُ لَيْلًا وَلَا نهاراً.
هتمر: الهَتْمَرَةُ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ؛ وقد هَتْمَرَ.
هجر: الهَجْرُ: ضِدُّ الْوَصْلِ. هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً: صَرَمَه، وَهُمَا يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ، وَالْاسْمُ الهِجْرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا هِجْرَةَ بَعْدَ ثلاثٍ
؛ يُرِيدُ بِهِ الهَجْر ضدَّ الوصلِ، يَعْنِي فِيمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَتْبٍ ومَوْجِدَةٍ أَو تَقْصِيرٍ يَقَعُ فِي حُقُوقِ العِشْرَة والصُّحْبَةِ دُونَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي جَانِبِ الدِّين، فإِن هِجْرَة أَهل الأَهواء وَالْبِدَعِ دَائِمَةٌ عَلَى مَرِّ الأَوقات مَا لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمُ التَّوْبَةُ وَالرُّجُوعُ إِلى الْحَقِّ، فإِنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَمَّا خَافَ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وأَصحابه النِّفَاقَ حِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمر بِهِجْرانهم خَمْسِينَ يَوْمًا، وَقَدْ هَجَر نِسَاءَهُ شَهْرًا،