للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمِثْلِ القراءَة وَالصَّدَقَةِ. يُقَالُ: هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فَهُوَ هارٌّ وهَرَّارٌ إِذا نَبَحَ وكَشَرَ عَنْ أَنيابه، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُهُ دُونَ نُباحه. وَفِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: لَا أَعْقِلُ الكلبَ الهَرَّارَ

أَي إِذا قَتَلَ الرجلُ كلبَ آخَرَ لَا أُوجب عَلَيْهِ شَيْئًا إِذا كَانَ نَبَّاحاً لأَنه يؤْذي بِنُباحِه. وَفِي حَدِيثِ

أَبي الأَسود: المرأَة الَّتِي تُهارُّ زوجَها

أَي تَهِرُّ فِي وَجْهِهِ كَمَا يَهِرُّ الْكَلْبُ. وَفِي حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ: وَعَادَ لَهَا المَطِيُّ هَارًّا

أَي يَهِرُّ بَعْضُهَا فِي وَجْهِ بَعْضٍ مِنَ الْجُهْدِ. وَقَدْ يُطْلَقُ الْهَرِيرُ عَلَى صَوْتٍ غَيْرِ الْكَلْبِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إِني سَمِعْتُ هَرِيراً كَهَرِيرِ الرَّحَى

أَي صَوْتِ دَوَرَانِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَكَلْبٌ هَرَّارٌ كَثِيرُ الهَرِير، وَكَذَلِكَ الذِّئْبُ إِذا كَشَرَ أَنيابه وَقَدْ أَهَرَّه مَا أَحَسَّ بِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفِي الْمَثَلِ: شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نابٍ، وحَسُنَ الابتداءُ بِالنَّكِرَةِ لأَنه فِي مَعْنَى مَا أَهَرَّ ذَا نَابٍ إِلَّا شَرٌّ، أَعني أَنَّ الْكَلَامَ عَائِدٌ إِلى مَعْنَى النَّفْيِ وإِنما كَانَ الْمَعْنَى هَذَا لأَن الْخَبَرِيَّةَ عَلَيْهِ أَقوى، أَلا تَرَى أَنك لَوْ قُلْتَ: أَهَرَّ ذَا نابٍ شَرٌّ، لَكُنْتَ عَلَى طَرَفٍ مِنَ الإِخبار غَيْرِ مؤَكد فإِذا قُلْتَ: مَا أَهَرَّ ذَا نابٍ إِلَّا شَرٌّ، كَانَ أَوْكَدَ، أَلا تَرَى أَن قَوْلَكَ مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ أَوْكَدُ مِنْ قَوْلِكَ قَامَ زَيْدٌ؟ قَالَ: وإِنما احْتِيجَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلى التَّوْكِيدِ مِنْ حَيْثُ كَانَ أَمراً مُهِماً، وَذَلِكَ أَن قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ سَمِعَ هَرِيرَ كَلْبٍ فأَضاف مِنْهُ وَأَشْفَقَ لِاسْتِمَاعِهِ أَن يَكُونَ لطارِقِ شَرٍّ، فَقَالَ: شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نابٍ أَي مَا أَهَرَّ ذَا نَابٍ إِلَّا شَرٌّ تَعْظِيمًا لِلْحَالِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَعِنْدَ مُستَمِعِه، وَلَيْسَ هَذَا فِي نَفْسِهِ كأَن يَطْرُقُهُ ضَيْفٌ أَو مُسْتَرْشِدٌ، فَلَمَّا عَنَاهُ وأَهمه أَكد الإِخبار عَنْهُ وأَخرجه مخرج الإِغاظ بِهِ. وهارَّه أَي هَرَّ فِي وَجْهِهِ. وهَرْهَرْتُ الشيءَ: لُغَةٌ فِي مَرْمَرْتُه إِذا حَرَّكْتَه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ الاعْتِقابِ لأَبي تُرابٍ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ. وهرَّت القوسُ هَرِيراً: صَوَّتَتْ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد

مُطِلٌّ بِمُنْحاةٍ لَهَا فِي شِمالِه ... هَرِيرٌ، إِذا مَا حَرَّكَتْه أَنامِلُهْ

والهِرُّ: السِّنَّوْرُ، وَالْجَمْعُ هِرَرَةٌ مِثْلُ قِرْدٍ وقِرَدَةٍ، والأُنثى هِرَّةٌ بِالْهَاءِ، وَجَمْعُهَا هِرَرٌ مِثْلُ قِرْبةٍ وقِرَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عن أَكل الهرِّ وثَمَنِه

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما نُهِيَ عَنْهُ لأَنه كالوحشيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وأَنه يَنْتابُ الدُّورَ وَلَا يُقِيمُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فإِن حُبِسَ أَو رُبِطَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ وَلِئَلَّا يَتَنَازَعُ النَّاسَ فِيهِ إِذا انْتَقَلَ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنما نَهَى عَنْ الْوَحْشِيِّ مِنْهُ دُونَ الإِنسي. وهِرّ: اسْمُ امرأَة، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:

أَصَحَوْتَ اليومَ أَمْ شاقَتْكَ هِرُّ؟

وهَرَّ الشِّبْرِقُ والبُهْمَى والشَّوْكُ هَرّاً: اشتدَّ يُبْسُه وتَنَفَّشَ فَصَارَ كأَظفار الهِرِّ وأَنيابه؛ قَالَ:

رَعَيْنَ الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى ... إِذا مَا هَرَّ، وامْتَنَعَ المَذاقُ

وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: مَا يَعْرِفُ هِرّاً مِنْ بِرٍّ؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ مَنْ يَهُرُّه أَي يَكْرَهُهُ مِمَّنْ يَبَرُّه وَهُوَ أَحسن مَا قِيلَ فِيهِ. وَقَالَ الفَزاريُّ: البِرُّ اللُّطف، والهِرُّ العُقُوق، وَهُوَ مِنَ الهَرِيرِ؛ ابْنُ الأَعرابي: البِرُّ الإِكرام والهِرُّ الخُصُومَةُ، وقيل: الهِرُّ هاهنَا السِّنَّوْرُ والبِرُّ الفأْر. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يَعْرِفُ هَارًا مِنْ بَارًا لَوْ كُتِبَتْ لَهُ، وَقِيلَ: أَرادوا هِرْهِرْ، وَهُوَ سَوْقُ الْغَنَمِ، وبِرْبِرْ وَهُوَ دعاؤُها؛ وَقِيلَ: الهِرُّ دعاؤُها والبِرُّ سَوْقُها. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَا يَعْرِفُ الهَرْهَرَةَ مِنَ البَرْبَرَةِ؛ الهَرْهَرَةُ: صَوْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>