للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِضَاهِ مُوحِشٌ لَا يَكَادُ يَدْخُلُهُ أَحد؛ وأَنشد بَيْتَ عُرْوَةَ:

فَطَارُوا فِي الْبِلَادِ الْيَسْتَعُورِ

قَالَ: أَي تَفَرَّقُوا حَيْثُ لَا يُعْلم وَلَا يُهْتدى لِمَوَاضِعِهِمْ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى الْبَيْتِ أَن عُرْوَةَ كَانَ سَبَى امرأَة مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا سَلْمَى، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ زَمَانًا وَهُوَ لَهَا شَدِيدُ الْمَحَبَّةِ، ثُمَّ إِنَّهَا اسْتَزَارَتْهُ أَهلها فَحَمَلَهَا حَتَّى انْتَهَى بِهَا إِليهم، فَلَمَّا أَراد الرُّجُوعَ أَبت أَن تَرْجِعَ مَعَهُ، وأَراد قَوْمُهَا قَتْلَهُ فَمَنَعَتْهُمْ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنه اجْتَمَعَ بِهِ أَخوها وَابْنُ عَمِّهَا وَجَمَاعَةٌ فَشَرِبُوا خَمْرًا وَسَقَوْهُ وسأَلوه طَلَاقَهَا فَطَلَّقَهَا، فَلَمَّا صَحَا نَدِمَ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْدَ الْبَيْتِ:

سَقَوْني الخَمْرَ ثُمَّ تَكَنَّفُوني ... عُداةَ اللهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ

وَنَصَبَ عُدَاةَ اللَّهِ عَلَى الذَّمِّ؛ وَبَعْدَهُ:

أَلا يَا لَيْتَنِي عاصَيْتُ طَلْقاً ... وجَبَّاراً ومَنْ لِي مِنْ أَمِيرِ

طَلْق: أَخوها، وَجَبَّارٌ ابْنُ عَمِّهَا، والأَمير هُوَ الْمُسْتَشَارُ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْيَاءُ من نفس الكلمة.

يُعِرْ: اليَعْرُ واليَعْرَةُ: الشَّاةُ أَو الجَدْيُ يُشَدُّ عِنْدَ زُبْيَةِ الذِّئْبِ أَو الأَسد؛ قَالَ البُرَيْقُ الهُذَليُّ وَكَانَ قَدْ تَوَجَّهَ قَوْمُهُ إِلى مِصْرَ فِي بَعْثٍ فَبَكَى عَلَى فَقْدِهِمْ:

فإِن أُمْسِ شَيْخًا بالرَّجِيع ووُلْدُهُ ... ويُصْبِحُ قَوْمي دُونَ أَرضِهِمُ مِصْرُ

أُسائِلُ عَنْهُمْ كُلَّمَا جاءَ راكِبٌ ... مُقِيمًا بأَمْلاحٍ، كَمَا رُبِطَ اليَعْرُ

وَالرَّجِيعُ والأَملاح: مَوْضِعَانِ. وَجَعَلَ نَفْسَهُ فِي ضَعْفِه وقِلَّةِ حِيلَتِهِ كالجَدْيِ الْمَرْبُوطِ فِي الزُّبْيَةِ، وَارْتَفَعَ قَوْلُهُ وُلْدُه بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْفَاعِلِ فِي أُمس. وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: وتُرْوِيه فِيقَةُ اليَعْرَةِ

؛ هِيَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ العَناق. واليَعْرُ: الجَدْيُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلَ الْبُرَيْقِ. والفِيقَةُ: مَا يَجْتَمِعُ فِي الضَّرْعِ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ. قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ الصَّوَابُ، رُبط عِنْدَ زُبْيَةِ الذِّئْبِ أَو لَمْ يُرْبَطْ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَذلُّ مِنَ اليَعْرِ. واليُعارُ: صوتُ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: صوتُ المِعْزى، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ أَصوات الشَّاءِ. ويَعَرَتْ تَيْعَرُ وتَيْعِرُ، الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ، يُعاراً؛ قَالَ:

وأَما أَشْجَعُ الخُنْثى فَوَلَّوْا ... تُيوساً، بالشَّظِيِّ، لَهَا يُعارُ

ويَعَرَتِ العَنْزُ تَيْعِرُ، بِالْكَسْرِ، يُعاراً، بِالضَّمِّ: صَاحَتْ؛ وَقَالَ:

عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ يَيْعِرُ حولَه ... وباتَ يُسَقِّينا بُطونَ الثَّعالِبِ

هَذَا رَجُلٌ ضَافَ رَجُلًا وَلَهُ عَتُودٌ يَيْعِرُ حَوْلَهُ، يَقُولُ: فَلَمْ يَذْبَحْهُ لَنَا وَبَاتَ يُسْقِينا لَبَنًا مَذِيقاً كأَنه بُطُونُ الثَّعَالِبِ لأَن اللَّبَنَ إِذا أُجْهِدَ مَذْقُه اخْضَرَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَجِيءُ أَحدكم بِشَاةٍ لَهَا يُعارٌ

، وَفِي حَدِيثٍ آخر:

بشاة تَيْعَرُ [تَيْعِرُ]

أَي تَصِيحُ. وَفِي كتاب عُمَيْر ابن أَفْصى: إِن لَهُمُ الياعِرَة أَي مَا لَهُ يُعارٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ لِصَوْتِ الْمَعْزِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَثَلُ المُنافِقِ كَالشَّاةِ الياعِرَة بَيْنَ الغَنَمَيْنِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ اليُعار الصَّوْتُ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الْمَقْلُوبِ لأَن الرِّوَايَةَ العائِرَة، وَهِيَ الَّتِي تَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>