للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَلَوَّت. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: مَا لَكَ تَحَوَّزُ كَمَا تَحَيَّزُ الحية؟ تَحَوَّزُ تَحَيُّز الْحَيَّةِ، وتَحَوُّزَ الْحَيَّةِ، وَهُوَ بُطْءُ الْقِيَامِ إِذا أَراد أَن يَقُومَ؛ قَالَ غَيْرُهُ: والتَّحَوُّس مِثْلُهُ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ تَفَيْعل مِنْ حُزْت الشَّيْءَ، والحَوْز مِنَ الأَرض أَن يَتَّخِذَهَا رجلٌ وَيُبَيِّنَ حُدُودَهَا فَيَسْتَحِقَّهَا فَلَا يَكُونُ لأَحد فِيهَا حَقٌّ معه، فذلك الحَوْز. تَحَوَّز الرَّجُلُ وتَحَيَّز إِذا أَراد الْقِيَامَ فأَبطأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. والحَوْز: الْجَمْعُ. وَكُلُّ مَنْ ضَمَّ شَيْئًا إِلى نَفْسِهِ مِنْ مَالٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ حازَه حَوْزاً وحِيازَة وحازَه إِليه واحْتازَهُ إِليه؛ وَقَوْلُ الأَعشى يَصِفُ إِبلًا:

حُوزِيَّة طُوِيَتْ عَلَى زَفَراتِها ... طَيَّ القَناطِرِ قَدْ نَزَلْنَ نُزُولا

قَالَ: الحُوزِيَّة النُّوق الَّتِي لَهَا خَلِفة انْقَطَعَتْ عَنِ الإِبل فِي خَلِفَتها وفَراهتها، كَمَا تَقُولُ: مُنْقَطِعُ القَرِينِ، وَقِيلَ: نَاقَةٌ حُوزِيَّة أَي مُنْحازة عَنِ الإِبل لَا تُخَالِطُهَا، وَقِيلَ: بَلِ الحُوزِيَّة الَّتِي عِنْدَهَا سَيْرٌ مَذْخُورٌ مِنْ سَيْرِهَا مَصُون لَا يُدْرك، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الحُوزِيُّ الَّذِي لَهُ إِبْداءٌ مِنْ رأْيه وَعَقْلُهُ مَذْخُورٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ: وَلَهُ حُوزِيّ، أَي يَغْلِبُهُنَّ بالهُوَيْنا وَعِنْدَهُ مَذْخُورٌ لَمْ يَبْتَذِله. وَقَوْلُهُمْ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَيانِ يَحُوزُهما النَّهَارُ فَهُنَاكَ لَا يَجِدُ الحَرُّ مَزِيداً، وإِذا طَلَعَتَا يَحُوزُهما اللَّيْلُ فَهُنَاكَ لَا يَجِدُ القُرّ مَزيداً، لَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ يضمُّهما وأَن يَكُونَ يَسُوقُهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَميعَ اللأْمَةِ كَانَ يَحُوزُ الْمُسْلِمِينَ

أَي يَجْمَعُهُمْ؛ حازَه يَحُوزه إِذا قَبَضَهُ ومَلَكه واسْتَبَدَّ بِهِ. قَالَ شَمِرٌ: حُزْت الشَّيْءَ جَمَعْتُه أَو نَحَّيته؛ قَالَ: والحُوزِيّ المُتَوَحِّد فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:

يَطُفْن بِحُوزيِّ المَراتِع، لَمْ تَرُعْ ... بوَادِيه مِنْ قَرْعِ القِسِيِّ، الكَنَائِن

قَالَ: الحُوزِيُّ الْمُتَوَحِّدُ وَهُوَ الْفَحْلُ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ حُزْتُ الشَّيْءَ إِذا جَمَعْتَهُ أَو نَحَّيته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مُعَاذٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَتَحَوَّز كلٌّ مِنْهُمْ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً

أَي تَنَحَّى وَانْفَرَدَ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، مِنَ السُّرْعَةِ وَالتَّسَهُّلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ يأْجوج:

فَحَوِّزْ عِبَادِي إِلى الطُّور

أَي ضُمَّهم إِليه، وَالرِّوَايَةُ فَحَرِّزْ، بِالرَّاءِ، وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، يَوْمَ الخَنْدَقِ: مَا يُؤَمِّنُك أَن يَكُونَ بَلاء أَو تَحَوُّزٌ؟

وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ

، أَي مُنْضمّاً إِليها. والتَّحَوُّزُ والتَّحَيُّز والانْحِياز بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عُبَيْدَةَ: وَقَدِ انْحازَ عَلَى حَلْقَة نَشِبَت فِي جِرَاحَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ أُحُدٍ

أَي أَكَبَّ عَلَيْهَا وَجَمَعَ نَفْسَهُ وضَمَّ بَعْضَهَا إِلى بَعْضٍ. قَالَ عُبَيْدُ بْنُ حرٍّ «٣»: كُنْتُ مَعَ أَبي نَضْرَة مِنَ الفُسْطاط إِلى الإِسْكنْدَرِيَّة فِي سَفِينَةٍ، فَلَمَّا دَفَعْنا مِنْ مَرْسانا أَمر بِسُفْرته فَقُرِّبت وَدَعَانَا إِلى الْغَدَاءِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَقُلْتُ: مَا تَغَيَّبَتْ عَنَّا منازلُنا؛ فَقَالَ: أَترغب عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَمْ نَزَلْ مُفْطِرِينَ حَتَّى بلغنا ماحُوزَنا؛ قَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ ماحُوزَنا: هُوَ مَوْضِعُهُمُ الَّذِي أَرادوه، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الْمَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ الَّذِي فِيهِ أَساميهِم ومَكاتِبُهُم الماحُوزَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنْ قَوْلِكَ حُزْتُ الشَّيْءَ إِذا أَحْرَزْتَه، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَوْ كَانَ مِنْهُ لَقِيلَ مَحازنا أَو مَحُوزنا. وحُزت الأَرض إِذا أَعلَمتها وأَحييت حُدُودَهَا. وَهُوَ يُحاوِزُه أَي يُخَالِطُهُ وَيُجَامِعُهُ؛ قَالَ: وأَحسب قوله ماحُوزَنا بِلُغَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ


(٣). قوله [عبيد بن حر] كذا بالأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>