للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا أَنتم لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّمَاءِ بمُعْجِزِينَ لَكَانَ جَائِزًا، وَمَعْنَى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ، يُقَالُ: أَعْجَزَني فُلَانٌ أَي فَاتَنِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

فَذاكَ وَلَمْ يُعْجِزْ مِنَ الموتِ رَبَّه ... وَلَكِنْ أَتاه الموتُ لَا يَتَأَبَّقُ

وَقَالَ اللَّيْثُ: أَعْجَزَني فُلَانٌ إِذا عَجَزْتَ عَنْ طَلَبِهِ وإِدراكه. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مُعاجِزِينَ*

أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَولياءَ اللَّهِ أَي يُقَاتِلُونَهُمْ ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عَنْ أَمر اللَّهِ، وَلَيْسَ يُعْجِزُ اللهَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، خَلْقٌ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الأَرض وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلا إِليه؛ وَقَالَ أَبو جُنْدب الْهُذَلِيُّ:

جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُم دَلِيلًا ... وفاتُوا فِي الحجازِ ليُعْجِزُوني «٥»

وَقَدْ يَكُونُ أَيضاً مِنَ العَجْز. وَيُقَالُ: عَجَزَ يَعْجِزُ عَنِ الأَمر إِذا قَصَرَ عَنْهُ. وعاجَزَ إِلَى ثِقَةٍ: مالَ إِلَيْهِ. وعاجَزَ القومُ: تَرَكُوا شَيْئًا وأَخذوا فِي غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُعاجِزُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ أَي يلجأُ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: هُوَ يُكارِزُ إِلَى ثِقَةٍ مُكارَزَةً إِذَا مَالَ إِلَيْهِ. والمُعْجِزَةُ: وَاحِدَةُ مُعْجِزات الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وأَعْجاز الأُمور: أَواخِرُها. وعَجْزُ الشَّيْءِ وعِجْزُه وعُجْزُه وعَجُزُه وعَجِزُه: آخِرُهُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ قَالَ أَبو خِراش يَصِفُ عُقاباً:

بَهِيماً، غيرَ أَنَّ العَجْزَ مِنْهَا ... تَخالُ سَرَاتَه لَبَناً حَلِيبا

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَقَطْ. والعَجُز: مَا بَعْدُ الظَّهْرِ مِنْهُ، وَجَمِيعُ تِلْكَ اللُّغَاتِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ أَعجاز، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنها لَعَظِيمَةُ الأَعْجاز كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عَجُزاً، ثُمَّ جَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ: لَا تُدَبِّرُوا أَعْجازَ أُمور قَدْ وَلَّت صُدورُها؛ جَمْعُ عَجُزٍ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ، يُرِيدُ بِهَا أَواخر الأُمور وَصُدُورَهَا؛ يَقُولُ: إِذا فاتَكَ أَمرٌ فَلَا تُتْبِعه نفسَك مُتَحَسِّرًا عَلَى مَا فَاتَ وتَعَزَّ عَنْهُ مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحَرِّض عَلَى تَدَبُّر عَوَاقِبِ الأُمور قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَلَا تُتْبَع عِنْدَ تَوَلِّيها وَفَوَاتِهَا. والعَجُزُ فِي العَرُوض: حَذْفُكَ نُونَ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَتِهَا أَلف [فَاعِلُنْ] هَكَذَا عَبَّرَ الْخَلِيلُ عَنْهُ فَفَسَّرَ الجَوْهر الَّذِي هُوَ العَجُز بالعَرَض الَّذِي هُوَ الْحَذْفُ وَذَلِكَ تَقْرِيبٌ مِنْهُ، وإِنما الْحَقِيقَةُ أَن تَقُولَ العَجُز النُّونُ الْمَحْذُوفَةُ مِنْ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَةِ أَلف [فَاعِلُنْ] أَو تَقُولَ التَّعْجيز حَذْفُ نُونٍ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَةِ أَلف [فَاعِلُنْ] وَهَذَا كُلُّهُ إِنما هُوَ فِي الْمَدِيدِ. وعَجُز بَيْتِ الشِّعْرِ: خِلَافُ صَدْرِهِ. وعَجَّز الشاعرُ: جَاءَ بعَجُز الْبَيْتِ. وَفِي الْخَبَرِ: أَن الكُمَيْت لَمَّا افْتَتَحَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي أَولها:

أَلا حُيِّيتِ عَنَّا يَا مَدِينا

أَقام بُرْهة لَا يَدْرِي بِمَا يُعَجِّز عَلَى هَذَا الصَّدْرِ إِلى أَن دَخَلَ حمَّاماً وَسَمِعَ إِنساناً دَخَلَهُ، فسَلَّم عَلَى آخَرَ فِيهِ فأَنكر ذَلِكَ عَلَيْهِ فَانْتَصَرَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لَهُ فَقَالَ: وَهَلْ بأْسٌ بِقَوْلِ المُسَلِّمِينَ؟ فاهْتَبلَها الكُمَيْتُ فَقَالَ:

وَهَلْ بأْسٌ بِقَوْلِ مُسَلِّمِينا؟


(٥). قوله [عزان] هو هكذا بضبط الأصل. وقوله [فاتوا في الحجاز] كذا بالأصل هنا، والذي تقدم في مادة ح ج ز: وفروا بالحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>