للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَيْضَاءَ مِنْ أَهلِ المَدينةِ لَمْ تَذُقْ ... بَئِيساً، وَلَمْ تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ

قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ، وَصَوَابُ إِنشاده لِبَيْضَاءَ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ؛ وَقَبْلَهُ:

إِذا شِئتُ غَنَّاني مِنَ العاجِ قاصِفٌ، ... عَلَى مِعْصَمٍ رَيَّانَ لَمْ يَتَخَدَّدِ

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:

تُقْنِعُ يَدَيكَ وتَبْأَسُ

؛ هُوَ مِنَ البُؤْسِ الْخُضُوعِ وَالْفَقْرِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَمراً وَخَبَرًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَمَّار: بُؤْسَ ابنِ سُمَيَّةَ كأَنه تَرَحَّمَ لَهُ مِنَ الشِّدَّةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا

؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَانَ يَكْرَهُ البُؤْسَ والتَّباؤُسَ

؛ يَعْنِي عِنْدَ النَّاسِ، وَيَجُوزُ التَبَؤُسُ بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بُؤساً لَهُ فِي حَدِّ الدُّعَاءِ، وَهُوَ مِمَّا انْتَصَبَ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إِظهاره. والبَأْسَاءُ والمَبْأَسَة: كالبُؤس؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:

فأَصْبَحُوا بَعْدَ نُعْماهُمْ بِمَبْأَسَةٍ، ... والدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْياناً فَيَنْصَرِفُ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: البأْساء الْجُوعُ وَالضَّرَّاءُ فِي الأَموال والأَنفس. وبَئِسَ يَبْأَسُ ويَبْئِسُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ «٢» ... كَرُمَ يَكْرُمُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي نَعِمَ يَنْعُمُ. وأَبْأَسَ الرجلُ: حَلَّتْ بِهِ البَأْساءُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

تَبُزُّ عَضارِيطُ الخَمِيسِ ثِيابَها ... فأَبْأَسْت «٣» ... يومَ ذَلِكَ وابْنَما

والبائِسُ: المُبْتَلى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْبَائِسُ مِنَ الأَلفاظ الْمُتَرَحَّمُ بِهَا كالمِسْكين، قَالَ: وَلَيْسَ كُلَّ صِفَةٍ يُتَرَحَّمُ بِهَا وإِن كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْبَائِسِ وَالْمِسْكِينِ، وَقَدْ بَؤُسَ بَأْسَةً وبئِيساً، وَالِاسْمُ البُؤْسى؛ وَقَوْلُ تأَبط شَرًّا:

قَدْ ضِقْتُ مِنْ حُبِّها مَا لَا يُضَيِّقُني، ... حَتَّى عُدِدْتُ مِنَ البُوسِ المساكينِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ جَمْعَ الْبَائِسِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ ذَوِي البُؤْسِ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ. وَالْبَائِسُ: الرَّجُلُ النَّازِلُ بِهِ بَلِيَّةٌ أَو عُدْمٌ يُرْحَمُ لِمَا بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بُوْساً وتُوساً وجُوْساً لَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والبأْساء: الشِّدَّةُ؛ قَالَ الأَخفش: بُنِيَ عَلَى فَعْلاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَفْعَلُ لأَنه اسْمٌ كَمَا قَدْ يَجِيءُ أَفْعَلُ فِي الأَسماء لَيْسَ مَعَهُ فَعْلاء نَحْوَ أَحمد. والبُؤْسَى: خِلَافُ النُّعْمَى؛ الزَّجَّاجُ: البأْساءُ والبُؤْسى مِنَ البُؤْس، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ البُؤْسى والبأْساءُ ضِدَّ النُّعْمى والنَّعْماء، وأَما فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ فَيُقَالُ البَأْسُ. وابْتَأَسَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُبْتَئِس. وَلَا تَبْتَئِسْ أَي لَا تَحْزَنْ وَلَا تَشْتَكِ. والمُبْتَئِسُ: الْكَارِهُ وَالْحَزِينُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

مَا يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتَئِسٍ ... مِنْهُ، وأَقْعُدْ كَرِيمًا ناعِمَ البالِ

أَي غَيْرَ حَزِينٍ وَلَا كَارِهٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَحسن فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُبتَئِساً مُفْتَعِلٌ مِنَ البأْسِ الَّذِي هُوَ الشِّدَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ؛ أَي فَلَا يَشْتَدُّ عَلَيْكَ أَمْرُهم، فَهَذَا أَصله لأَنه لَا يُقَالُ ابْتَأَسَ بِمَعْنَى كَرِهَ، وإِنما الْكَرَاهَةُ تَفْسِيرٌ مَعْنَوِيٌّ لأَن الإِنسان إِذا اشْتَدَّ بِهِ أَمرٌ كَرِهَهُ، وَلَيْسَ اشْتَدَّ بِمَعْنَى كَرِهَ. وَمَعْنَى بَيْتِ حَسَّانَ أَنه يَقُولُ: مَا يَرْزُقُ اللَّه تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ أَقبله رَاضِيًا به


(٢). كذا بياض بالأَصل.
(٣). كذا بياض بالأَصل ولعل موضعه بنتاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>