للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى جِنْسٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ

؛ قرأَ أَبو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ، عَلَى فَعِيلٍ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ:

بِئِيس

، عَلَى فِعِيلٍ، وَكَذَلِكَ قرأَها شِبْل وأَهلُ مَكَّةَ وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ:

بِئْسٍ

، عَلَى فِعْلٍ، بِهَمْزَةٍ وقرأَها نَافِعٌ وأَهل مَكَّةَ:

بِيْسٍ

، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَذَابٌ بِئْسٌ وبِيسٌ وبَئِيسٌ أَي شَدِيدٌ، وأَما قراءَة مَنْ قرأَ

بِعَذَابٍ بَيْئِسٍ

فَبَنَى الْكَلِمَةَ مَعَ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ فَيْعِلٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلا فِي الْمُعْتَلِّ نَحْوَ سَيِّدٍ ومَيِّتٍ، وَبَابُهُمَا يُوَجِّهَانِ الْعِلَّةَ «١» وإِن لَمْ تَكُنْ حَرْفَ عِلَّةٍ فإِنها مُعَرَّضَةٌ لِلْعِلَّةِ وَكَثِيرَةُ الِانْقِلَابِ عَنْ حَرْفِ الْعِلَّةِ، فأُجريت مَجْرَى التَّعْرِيَةِ فِي بَابِ الْحَذْفِ وَالْعِوَضِ. وَبِيسٌ كخِيس: يَجْعَلُهَا بَيْنَ بَيْنَ مِنْ بِئْسَ ثُمَّ يُحَوِّلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وبَيِّسٍ عَلَى مِثَالِ سَيِّدٍ وَهَذَا بَعْدَ بَدَلِ الْهَمْزَةِ فِي بَيْئِسٍ. والأَبْؤُسُ: جَمْعُ بَؤُسٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ يومُ بُؤْس ويومُ نُعْمٍ. والأَبْؤُسُ أَيضاً: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً. وَقَدْ أَبْأَسَ إبْآساً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

قَالُوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لَهُمْ: ... عَسَى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ وإِغْوارِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَن الأَبْؤُسَ جَمْعُ بَأْس، وَهُوَ بِمَعْنَى الأَبْؤُس «٢» لأَن بَابَ فَعْلٍ أَن يُجْمَعَ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعُلٍ نَحْوَ كَعْبٍ وأَكْعُبٍ وفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ونَسْرٍ وأَنْسُرٍ، وَبَابَ فُعْلٍ أَن يُجْمَع فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعال نَحْوَ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وبُرْدٍ وأَبْرادٍ وجُنْدٍ وأَجنادٍ. يُقَالُ: بَئِسَ الشيءُ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً إِذا اشْتَدَّ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ والأَبْؤُسُ الدَّاهِيَةُ، قَالَ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ الدَّوَاهِيَ لأَن الأَبْؤُس جَمْعٌ لَا مُفْرَدٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قَوْلِ الزَّبَّاءِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، هُوَ جَمْعُ بأْسٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ مَثَلٌ أَوَّل من تكلم به الزَّبَّاء. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: التَّقْدِيرُ فِيهِ: عَسَى الغُوَيْرُ أَن يُحْدِثَ أَبْؤُساً، قَالَ: وهو جَمْعُ بَأْسٍ وَلَمْ يَقُلْ جمعُ بُؤْسٍ، وَذَلِكَ أَن الزَّبَّاء لَمَّا خَافَتْ مِنْ قَصِيرٍ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الغارَ الَّذِي تَحْتَ قَصْرِكِ، فَقَالَتْ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبؤُساً أَي إِن فَرَرْتُ مِنْ بأْس وَاحِدٍ فَعَسَى أَن أَقع فِي أَبْؤُسٍ، وَعَسَى هَاهُنَا إِشفاق؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَسَى طَمَعٌ وإِشفاق، يَعْنِي أَنها طَمَعٌ فِي مِثْلِ قَوْلِكَ: عَسَى زَيْدٌ أَن يُسَلِّمَ، وإِشفاق مِثْلَ هَذَا الْمَثَلِ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبؤُساً، وَفِي مِثْلِ قَوْلِ بَعْضِ أَصحاب النَّبِيِّ؛ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

عَسَى أَن يَضُرَّني شَبَهُه يَا رَسُولَ اللَّه

، فَهَذَا إِشفاق لَا طَمَعٌ، وَلَمْ يُفَسَّرْ مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَي مَعْنًى يُتَمَثَّلُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا الْمَثَلُ يُضْرَبُ لِلْمُتَّهَمِ بالأَمر، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، لِرَجُلٍ أَتاه بمَنْبُوذٍ: عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً

، وَذَلِكَ أَنه اتَّهَمَهُ أَن يَكُونَ صَاحِبَ المَنْبوذَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ مَثَلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَن يَأْتي مِنْهُ شَرٌّ؛ قَالَ: وأَصل هَذَا الْمَثَلِ أَنه كَانَ غارٌ فِيهِ نَاسٌ فانْهارَ عَلَيْهِمْ أَو أَتاهم فِيهِ فَقَتَلَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ:

عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً

؛ هُوَ جَمْعُ بأْس، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنه خَبَرُ عَسَى. والغُوَيْرُ: مَاءٌ لكَلْبٍ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عَسَى أَن تَكُونَ جِئْتَ بأَمر عَلَيْكَ فيه تُهَمَةٌ وشِدَّةٌ.

ببس: البابُوسُ: وَلَدُ النَّاقَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الحُوارُ، قَالَ ابن أَحمر:


(١). قوله [يوجهان العلة إلخ] كذا بالأَصل.
(٢). قوله [وهو بمعنى الأَبؤس] كذا بالأَصل ولعل الأولى بمعنى البؤس.

<<  <  ج: ص:  >  >>