إِذا بَنَى بِهَا وَكَذَلِكَ إِذا غَشِيَهَا، وَلَا تَقُلْ عَرَّسَ، وَالْعَامَّةُ تَقَوَّلُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حِمَارًا:
يُعْرِسُ أَبْكاراً بِهَا وعُنَّسا، ... أَكْرَمُ عِرْسٍ بَاءَةً إِذْ أَعْرَسا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه نَهَى عَنْ مُتعة الْحَجِّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، فعَله وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَن يَظَلوا مُعْرِسين بِهِنَّ تَحْتَ الأَراكِ، ثُمَّ يُلَبُّونَ بالحج تَقْطُرُ رؤوسهم
؛ قَوْلُهُ مُعْرِسِين أَي مُلِمِّين بِنِسَائِهِمْ، وَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن إِلْمام الرَّجُلِ بأَهله يُسَمَّى إِعراساً أَيام بِنَائِهِ عَلَيْهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ، لأَن تَمَتُّعَ الْحَاجِّ بامرأَته يَكُونُ بَعْدَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ وأُم سُليم: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَعْرَسَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُعْرِسٌ إِذا دَخَلَ بامرأَته عند بنائها، وأَراد به هَاهُنَا الْوَطْءَ فَسَمَّاهُ إِعْراساً لأَنه مِنْ تَوَابِعِ الإِعْراس، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِيهِ عَرَّسَ. والعَرُوسُ: نَعْتٌ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّجُلُ والمرأَة، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا دَامَا فِي إِعْراسهما. يقال: رَجُلٌ عَرُوس فِي رِجَالٍ أَعْراس وعُرُس، وامرأَة عَرُوس فِي نِسْوَةٍ عَرائِس. وَفِي الْمَثَلِ: كَادَ العَرُوس يَكُونُ أَميراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصبح عَرُوساً.
يُقَالُ لِلرَّجُلِ عَرُوسٌ كَمَا يُقَالُ للمرأَة، وَهُوَ اسْمٌ لَهُمَا عِنْدَ دُخُولِ أَحدهما بِالْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّه كَانَ إِذا دُعِيَ إِلى طَعام قَالَ أَفي خُرْسٍ أَو عُرْس أَو إِعْذارٍ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عُرْس: يَعْنِي طَعَامَ الْوَلِيمَةِ وَهُوَ الَّذِي يُعْمَلُ عِنْدَ العُرْس يُسَمَّى عُرْساً بِاسْمِ سَبَبِهِ. قَالَ الأَزهري: العُرُس اسْمٌ مِنْ إِعْراسِ الرَّجُلِ بأَهله إِذا بَنى عَلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَرُوس؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عَرُوس وعُرُوس وللمرأَة كَذَلِكَ، ثُمَّ تُسَمَّى الْوَلِيمَةُ عُرْساً. وعِرْسُ الرَّجُلِ: امرأَته؛ قَالَ:
وحَوْقَل قَرَّبَهُ مِنْ عِرْسِهِ ... سَوْقي، وَقَدْ غابَ الشِّظاظُ فِي اسْتِهِ
أَراد: أَن هَذَا المُسِنَّ كان على الرجل فَنَامَ فحَلَم بأَهله، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ قرَّبه مِنْ عِرْسِهِ لأَن هَذَا الْمُسَافِرَ لَوْلَا نومُه لَمْ يَرَ أَهله، وَهُوَ أَيضاً عِرْسُها لأَنهما اشْتَرَكَا فِي الِاسْمِ لِمُوَاصَلَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وإِلفِهِ إِياه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَزْهَر لَمْ يُولَدْ بِنَجْمٍ نَحْسِ، ... أَنْجَب عِرْسٍ جُبِلا وعِرْسِ
أَي أَنجب بَعْلٌ وامرأَة، وأَراد أَنجب عِرس وعِرْس جُبلا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن مَا عُطِفَ بِالْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ مَا جَاءَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فكأَنه قَالَ: أَنجب عِرْسَيْن جُبِلا، لَوْلَا إِرادة ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ هَذَا لأَن جُبِلا وَصْفٌ لَهُمَا جَمِيعًا وَمُحَالٌ تَقْدِيمُ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، وكأَنه قَالَ: أَنْجَبُ رَجُلٌ وامرأَة. وَجَمْعُ العِرْس الَّتِي هِيَ المرأَة وَالَّذِي هُوَ الرَّجُلُ أَعْراسٌ، وَالذَّكَرُ والأُنثى عِرْسانِ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ يَصِفُ ظَلِيماً:
حَتَّى تَلافَى، وقَرْنُ الشَّمسِ مُرْتَفِعٌ، ... أُدْحِيَّ عِرْسَيْنِ فِيهِ البَيْضُ مَرْكُومُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَلَافَى تَدَارَكَ. والأُدْحِيُّ: مَوْضِعُ بيضِ النعامةِ. وأَراد بالعِرْسَينِ الذَّكَرَ والأُنثى، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِرْسٌ لِصَاحِبِهِ. والمَرْكُوم: الَّذِي رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا. ولَبُوءَة الأَسد: عِرْسُه؛ وَقَدِ اسْتَعَارَهُ الْهُذَلِيُّ للأَسد فَقَالَ:
لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ حَوْلَ غابَتِه ... بالرَّقْمَتَيْنِ، لَهُ أَجْرٍ وأَعْراسُ