للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَن يُنْتهى بِالذَّبْحِ إِلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَمَّا النَّخْع فَعَلَى مَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، وأَما الفَرْس فَقَدْ خُولف فِيهِ فَقِيلَ: هُوَ الْكَسْرُ كأَنه نَهَى أَن يُكْسَرَ عظمُ رَقَبَةِ الذَّبِيحَةِ قَبْلَ أَن تَبْرُدَ، وَبِهِ سُمِّيت فَريسة الأَسد لِلْكسر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَرْس، بِالسِّينِ، الْكَسْرُ، وَبِالصَّادِ، الشَّقُّ. ابْنُ الأَعرابي: الْفَرَسُ أَن تُدَقّ الرقبَة قَبْلَ أَن تُذْبَح الشَّاةُ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَمَرَ مُنادِيَه فنادَى: لَا تَنْخَعُوا وَلَا تَفْرِسوا.

وفَرَسَ الشيءَ فَرْساً: دَّقَه وكَسَرَهُ؛ وفَرَسَ السَّبُعُ الشيءَ يفرِسُه فَرْساً. وافْتَرَسَ الدَّابة: أَخذه فدَقَّ عُنُقَه؛ وفَرَّسَ الغَنم: أَكثر فِيهَا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: ظَلَّ يُفَرِّسُها ويُؤَكِّلُها أَي يُكثِر ذَلِكَ فِيهَا. وسَبُعٌ فَرَّاس: كَثِيرُ الِافْتِرَاسِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

يَا مَيّ لَا يُعْجِز الأَيامَ ذُو حِيَدٍ، ... فِي حَوْمَةِ المَوْتِ، رَوَّامٌ وفَرَّاسُ «٢»

. والأَصل فِي الفَرْس دَقُّ العُنُق، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى جُعِل كُلُّ قَتْلٍ فَرْساً؛ يُقَالُ: ثَوْر فَرِيس وَبَقَرَةٌ فَريس. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:

إِن اللَّه يُرْسِل النَّغَف عَلَيْهِمْ فيُصْبِحُون فَرْسَى

أَي قَتْلَى، الْوَاحِدُ فَرِيسٌ، مِنْ فَرَسَ الذِّئْبَ الشَّاةَ وَافْتَرَسَهَا إِذا قَتَلَهَا، وَمِنْهُ فَرِيسة الأَسد. وفَرْسَى: جَمْعُ فَرِيسٍ مِثْلُ قَتْلى وقَتِيل. قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: وفَرَسَ الذئبُ الشَّاةَ فَرْساً، وَقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيل: يُقَالُ أَكل الذِّئْبُ الشَّاةَ وَلَا يُقَالُ افْتَرَسها. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَفْرَسَ الرَّاعِي أَي فَرَسَ الذِّئْبُ شَاةً مِنْ غَنَمه. قَالَ: وأَفْرَسَ الرجلُ الأَسدَ حِمارَه إِذا تَرَكَهُ لَهُ لِيَفْتَرِسَه ويَنْجُوَ هُوَ. وفَرَّسه الشيءَ: عَرَّضَه لَهُ يَفْترِسه؛ وَاسْتَعْمَلَ الْعَجَّاجُ ذَلِكَ فِي النُّعَرِ فَقَالَ:

ضَرْباً إِذا صَابَ اليآفِيخَ احْتَفَرْ، ... فِي الهامِ دُخْلاناً يُفَرِّسْنَ النُّعَرْ

أَي أَنّ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ وَاسِعَةٌ، فَهِيَ تمكِّن النُّعَر مِمَّا تُرِيده مِنْهَا؛ وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُ الشُّعراء فِي الإِنسان فَقَالَ، أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

قَدْ أَرْسَلُوني فِي الكَواعِبِ رَاعياً ... فَقَدْ، وأَبي، رَاعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ «٣»

أَتَتْهُ ذِئابٌ لَا يُبالِين رَاعِياً، ... وكُنَّ ذِئاباً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا

أَي كَانَتْ هَذِهِ النِّسَاءُ مُشْتَهِيات للتَّفْرِيس فجعلهُنَّ كالسَّوامِ إِلا أَنهنَّ خالَفْن السَّوام لأَنَّ السَّوام لَا تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسَ، إِذ فِي ذَلِكَ حَتْفُها، وَالنِّسَاءُ يَشْتَهِين ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ لذَّتهنّ، إِذْ فَرْس الرِّجَالِ النِّسَاءَ هَاهُنَا إِنما هُوَ مُواصَلَتُهُنَّ؛ وأَفْرِسُ مِنْ قَوْلِهِ:

فَقَدْ، وأَبي راعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ

مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ فَرَسْت كأَنه قَالَ: فَقَدْ فَرَسْتُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَدْ يَضَعون أَفْعَلُ مَوْضِعَ فَعَلْت وَلَا يَضَعُون فَعَلْتُ فِي مَوْضِعِ أَفْعَل إِلا فِي مُجازاة نَحْوَ إِن فَعَلْتَ فَعَلْتُ. وَقَوْلُهُ: وأَبي خَفْضٌ بِوَاوِ القَسَم، وَقَوْلُهُ: رَاعِي الكواعِب يَكُونَ حَالًا مِنَ التَّاء المقدَّرة، كأَنه قَالَ: فَرَسْت رَاعِياً لِلْكَوَاعِبِ أَي وأَنا إِذ ذَاكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ وَأَبي مُضافاً إِلى راعِي الكواعِب وَهُوَ يُرِيدُ بِرَاعي الكَواعِب ذاتَهُ:

أَتَتْهُ ذِئابٌ لَا يُبالين رَاعِياً


(٢). قوله [يا مي إلخ] تقدم في عرس:
يَا مَيُّ لَا يُعْجِزُ الأَيام مُجْتَرِئٌ ... فِي حَوْمَةِ الموت رزام وفرَّاس
(٣). قوله [أفرس مع قوله في البيت بعده أن تفرسا] كذا بالأَصل، فإن صحت الرواية ففيه عيب الإصراف

<<  <  ج: ص:  >  >>