للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكَ، وَكَذَلِكَ نَفْعَلُ بِمَنْ أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا قِيلَ للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس مِنْهُ أَي يُتَطَّهر. والقَدَس، بِالتَّحْرِيكَ: السَّطْل بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ لأَنه يُتَطَهَّرُ فِيهِ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا بَيْتُ المَقْدِس أَي الْبَيْتُ المُطَهَّر أَي الْمَكَانُ الَّذِي يُتطهَّر بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ. ابْنُ الْكَلْبِيِّ: القُدُّوس الطَاهِرُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ*

الطَّاهِر فِي صِفَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقِيلَ قَدُّوس، بِفَتْحِ الْقَافِ، قَالَ: وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه الْمُبَارَكُ. والقُدُّوس: هُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. والقُدْسُ: الْبَرَكَةُ. والأَرض المُقَدَّسة: الشَّامُ، مِنْهُ، وَبَيْتُ المَقْدِس مِنْ ذَلِكَ أَيضاً، فإِمّا أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وإِمّا أَن يَكُونَ اسْمًا لَيْسَ عَلَى الفِعْل كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي المَنْكِب، وَهُوَ يُخفَّف ويُثقَّل، وَالنِّسْبَةُ إِليه مَقْدِسِيّ مِثَالُ مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا، ... كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدَّسِي

وَالْهَاءُ فِي أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، وَالنُّونُ فِي أَدركنه ضَمِيرُ الْكِلَابِ، أَي أَدركتِ الْكِلَابُ الثورَ فأَخذن بِسَاقِهِ ونَساه وشَبْرَقَتْ جِلْدَهُ كَمَا شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدَّسِي، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِس فقطَّعوا ثِيَابَهُ تبرُّكاً بِهَا؛ والشَّبْرَقة: تقطيعُ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَعْنِي بِهَذَا الْبَيْتِ يَهُودِيًّا. وَيُقَالُ لِلرَّاهِبِ مُقَدِّسٌ، وأَراد فِي هَذَا الْبَيْتِ بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ، وصبيانُ النَّصَارَى يتبرَّكون بِهِ وبِمَسْحِ مِسْحِه الَّذِي هُوَ لابِسُه، وأَخذ خُيُوطِه مِنْهُ حَتَّى يَتَمَزَّقَ عَنْهُ ثَوْبُهُ. والمُقَدِّس: الحَبْر؛ وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا قَدَّسه اللَّه أَي لَا بَارَكَ عَلَيْهِ. قَالَ: والمُقَدَّس المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وَقَالَ الفرَّاء: الأَرض المقدَّسة الطَاهِرَةُ، وَهِيَ دِمَشْق وفِلَسْطين وَبَعْضُ الأُرْدُنِّ. وَيُقَالُ: أَرض مقدَّسة أَي مُبَارَكَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وإِليه ذَهَبَ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:

قَدْ عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ، ... أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ

بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ

أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة. ورُوحُ القُدُس: جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن رُوحَ القُدُس نَفَث فِي رُوعِي

، يَعْنِي جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَنه خُلِق مِنْ طَهَارَةٍ. وَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*

؛ هُوَ جِبْرِيلُ مَعْنَاهُ رُوحُ الطَّهَارَةِ أَي خُلِق مِنْ طَهَارَةٍ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَا نَومَ حَتَّى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ، ... وتَشْرَبي مِنْ خَيْرِ ماءٍ بِقُدُسْ

أَراد الأَرض المقدَّسة. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا قُدِّستْ أُمَّة لَا يُؤْخَذ لضَعِيفها مِنْ قَوِيِّها

أَي لَا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حَصَاةٌ تُوضَعُ فِي الْمَاءِ قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وَهِيَ نَحْوُ المُقْلَة للإِنسان، وَقِيلَ: هِيَ حَصاة يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ فِي الْمَفَاوِزِ اسْمٌ كالحَبَّان. غَيْرُهُ: القُدَاس الْحَجَرُ الَّذِي يُنْصَبُ عَلَى مَصَبِّ الْمَاءِ فِي الحَوْض وَغَيْرِهِ. والقَدَّاس: الْحَجَرُ يُنْصَب فِي وسَط الْحَوْضِ إِذا غَمَره الْمَاءُ رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

لَا رِيَّ حَتَّى يَتَوارى قَدَّاسْ، ... ذَاكَ الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ

وَقَالَ:

نَئِفَتْ بِهِ، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه ... مَا إِنْ يُوارى ثُمَّ جَاءَ الهَيْثَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>