للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي نِيَّةِ الْوَاوِ فَقَالَ كاسٌ كنارٍ، ثُمَّ جَمَعَ كَأْسًا عَلَى كِياسٍ، والأَصل كِواس، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ وتَقَعُ الكأْس لِكُلِّ إِناءٍ مَعَ شَرَابِهِ، وَيُسْتَعَارُ الكأْس فِي جَمِيعِ ضُرُوب الْمَكَارِهِ، كَقَوْلِهِمْ: سَقَاهُ كأْساً مِنَ الذلِّ، وكأْساً مِنَ الحُبِّ والفُرْقة وَالْمَوْتِ، قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي الصَّلْت، وَقِيلَ هُوَ لِبَعْضِ الْحَرُورِيَّةِ:

مَن لَمْ يَمُت عَبْطَةً يَمُت هَرَماً، ... المَوْتُ كأْس، والمرءُ ذائقُه «١»

قطَع أَلف الْوَصْلِ وَهَذَا يُفْعَلُ فِي الأَنْصاف كَثِيرًا لأَنه مَوْضِعُ ابْتِدَاءٍ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

وَلَا يُبادِرُ فِي الشِّتاء وَلِيدُنا، ... أَلْقِدْرَ يُنزِلها بغيرِ جِعَال

ابْنُ بُزُرج: كاصَ فُلَانٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذا أَكثر مِنْهُ. وَتَقُولُ: وجَدْت فُلَانًا كأْصاً بِزِنَةٍ كَعْصاً أَي صَبُورًا بَاقِيًا عَلَى شُربه وأَكله. قَالَ الأَزهري: وأَحْسب الكأْس مأْخوذاً مِنْهُ لأَن الصَّادَ وَالسِّينَ يَتَعاقبان فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهما.

كبس: الكَبْسُ: طَمُّك حُفرة بِتُرَابٍ. وكبَسْت النهرَ وَالْبِئْرَ كَبْساً: طَمَمْتها بِالتُّرَابِ. وَقَدْ كَبَسَ الْحُفْرَةَ يَكْبِسُها كَبْساً: طَواها بِالتُّرَابِ «٢» وَغَيْرِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ التُّرَابُ الكِبْس، بِالْكَسْرِ. يُقَالُ الهَواء والكِبْس، فالكِبْس مَا كَانَ نَحْوَ الأَرض مِمَّا يَسُدُّ مِنَ الْهَوَاءِ مَسَدّاً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَبْس أَن يُوضَعَ الْجِلْدُ فِي حَفِيرَةٍ وَيُدْفَنَ فِيهَا حَتَّى يسترخِي شعَره أَو صُوفه. والكبيسُ: حَلْيٌ يُصاغُ مجَوَّفاً ثُمَّ يُحْشى بِطِيب ثُمَّ يُكْبَس؛ قَالَ عَلقمة:

مَحَالٌ كأَجْوازِ الجَراد، ولُؤْلُؤٌ ... مِنَ القَلَقِيِّ والكَبِيس المُلَوَّبِ

وَالْجِبَالُ الكُبَّس والكُبْس: الصِّلاب الشِّدَادُ. وكَبَسَ الرجلُ يَكْبِسُ كُبُوساً وتَكَبَّس أَدْخَلَ رأْسه فِي ثَوْبِهِ، وَقِيلَ: تقنَّع بِهِ ثُمَّ تغطَّى بِطَائِفَتِهِ، والكُباس مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ كُباسٌ: وَهُوَ الَّذِي إِذا سأَلته حَاجَةً كَبَس برأْسه فِي جَيْب قَمِيصِهِ. يُقَالُ: إِنه لكُباس غَيْرُ خُباس؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:

هُوَ الرُّزْءُ المُبيّنُ، لَا كُباسٌ ... ثَقيل الرَّأْسِ، يَنْعِق بالضَّئين

ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ كُباس عَظِيمُ الرأْس؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

فَذَاكَ الرُّزْءُ عَمْرُك، لَا كُباسٌ ... عَظِيمُ الرأْس، يَحْلُم بالنَّعِيق

وَيُقَالُ: الكُباس الَّذِي يَكْبِس رأْسه فِي ثِيَابِهِ وَيَنَامُ. والكابِس مِنَ الرِّجَالِ: الْكَابِسُ فِي ثَوْبِهِ المُغَطِّي بِهِ جَسَدَهُ الدَّاخِلُ فِيهِ. والكِبْس: الْبَيْتُ الصَّغِيرُ، قَالَ: أُراه سمِّي بِذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ يَكْبِس فِيهِ رأْسه؛ قَالَ شِمْرٌ: وَيَجُوزُ أَن يُجْعَلَ الْبَيْتُ كِبْساً لِمَا يُكْبَسُ فِيهِ أَي يُدْخل كَمَا يَكْبس الرَّجُلُ رأْسه فِي ثَوْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

عَقيل بْنِ أَبي طَالِبٍ أَن قُرَيْشًا أَتت أَبا طَالِبٍ فَقَالُوا لَهُ: إِن ابْنَ أَخيك قَدْ آذَانَا فانْهَهُ عنَّا، فَقَالَ: يَا عَقيل انْطَلِقْ فأْتني بِمُحَمَّدٍ، فَانْطَلَقْتُ إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ كِبْس

، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ شِمْرٌ: مِنْ كِبْس أَي مِنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ مِنَ الكِناس، وَهُوَ بَيْتُ الظَّبْي، والأَكباس: بُيُوتٌ مِنْ طِينٍ، وَاحِدُهَا كِبْس. قال شمر: والكِبس


(١). روي هذا البيت في الصفحة ١٨٨: والمرء ذائقها: ويظهر أَنه أَرجع هنا الضمير إلى الموت لا إلى الكأس.
(٢). قوله [طواها بالتراب] هكذا في الأَصل ولعله طمها بالتراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>