للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلْنَ لَهُ: وَيْلَك أَيَّ شَيْءٍ تصنَع؟ فَقَالَ:

الْبَسْ لِكُلِّ حَالَة لَبُوسَها: ... إِمَّا نَعِيمَها وإِمَّا بُوسَهَا

واللَّبُوس: الثِّيَابُ والسِّلاح. مُذكَّر، فإِن ذَهَبْتَ بِهِ إِلى الدِّرْع أَنَّثْتَ. وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ

؛ قالوا: هو الدِّرْعُ تُلبَس فِي الْحُرُوبِ. ولِبْسُ الهَوْدج: مَا عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ. يُقَالُ: كشَفْت عَنِ الهَوْدج لِبْسَه، وَكَذَلِكَ لِبْس الْكَعْبَةِ، وَهُوَ مَا علينا مِنَ اللِّباسِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ فرَساً خَدَمَتْهُ جَواري الحيِّ:

فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُ ... بأَطْرافِ طَفْلٍ، زانَ غَيْلًا مُوَشَّما

وإِنه لحسَنُ اللَّبْسَة واللِّباس. واللِّبْسَةُ: حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِ اللُّبْس؛ ولَبِستُ الثَّوْبَ لَبْسَةً وَاحِدَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْن

، هِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ، الْهَيْئَةُ وَالْحَالَةُ، وَرُوِيَ بِالضَّمِّ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَوّل الْوَجْهُ. ولِباسُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُهُ. ولِباسُ كُلِّ شَيْءٍ: غِشاؤُه. ولِباس الرَّجُلِ: امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي النِّسَاءِ: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ

؛ أَي مِثْلُ اللِّباسِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ قِيلَ فِيهِ غيرُ مَا قوْلٍ قِيلَ: الْمَعْنَى تُعانِقونهنَّ ويُعانِقْنَكم، وَقِيلَ: كلُّ فَرِيقٍ مِنْكُمْ يَسْكُنُ إِلى صَاحِبِهِ ويُلابِسُه كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها. وَالْعَرَبُ تسَمِّي المرأَة لِباساً وإِزاراً؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ امرأَة:

إِذا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها، ... تَثَنَّتْ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ لِباسا

وَيُقَالُ: لَبِسْت امرأَة أَي تمتَّعت بِهَا زَمَانًا، ولَبِست قَوْماً أَي تملَّيْت بِهِمْ دَهْرًا؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:

لَبِسْت أُناساً فأَفْنَيْتُهُمْ، ... وأَفْنَيْتُ بَعْدَ أُناسٍ أُناسا

وَيُقَالُ: لَبِسْت فُلَانَةً عُمْرِي أَي كَانَتْ مَعِي شَبابي كلَّه. وتَلَبَّسَ حُبُّ فُلَانَةٍ بَدَمِي ولَحْمِي أَي اخْتَلَطَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً

أَي تَسْكُنُون فِيهِ، وَهُوَ مشتملٌ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ

، جاعُوا حَتَّى أَكلوا الوَبَرَ بالدَّمِ وَبَلَغَ مِنْهُمُ الجُوعُ الحالَ الَّتِي لَا غَايَةَ بَعْدَهَا، فضُرِبَ اللِّباسُ لِمَا نَالَهُمْ مَثَلًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لابِسِه. ولِباسُ التَّقْوَى: الحياءُ؛ هَكَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ، وَيُقَالُ: الْغَلِيظُ الخشِنُ الْقَصِيرُ. وأُلْبِسَتِ الأَرض: غطَّاها النَّبْتُ. وأَلبَسْت الشَّيْءَ، بالأَلف، إِذا غَطَّيْته. يُقَالُ: أَلْبَس السماءَ السحابُ إِذا غَطَّاها. وَيُقَالُ: الحَرَّةُ الأَرض الَّتِي لَبِسَتها حِجَارَةٌ سُودٌ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا غَطَّاه كلَّه أَلبَسَه وَلَا يَكُونُ لَبِسَه كَقَوْلِهِمْ أَلبَسَنا اللَّيْلُ، وأَلْبَسَ السماءَ السحابُ وَلَا يَكُونُ لَبِسَنا اللَّيْلُ وَلَا لَبِس السماءَ السحابُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ أَرض أَلْبَسَتْها حِجَارَةٌ سُودٌ أَي غطَّتْها. والدَّجْنُ: أَن يُلْبِسَ الغيمُ السَّمَاءَ. والمَلْبَسُ: كاللِّباسِ. وَفِي فُلَانٍ مَلْبَسٌ أَي مُسْتَمْتَعٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِن فِي فُلَانٍ لمَلْبَساً أَي لَيْسَ بِهِ كِبْرٌ، وَيُقَالُ: كِبَرٌ، وَيُقَالُ: لَيْسَ لِفُلَانٍ لَبِيسٌ أَي لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: هُوَ مِنَ المُلابَسَة وَهِيَ المُخالَطة. وَجَاءَ لابِساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلًا، وَقَدْ لَبِس لَهُ أُذُنَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>