للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أَرِقْتُ لَهُ ونامَ أَبو شُرَيحٍ

فَقَالَ التوأَم:

إِذا مَا قلْتُ قَدْ هَدَأَ اسْتَطارا

فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

كأَنَّ هَزيزَهُ بِوَراءِ غَيْبٍ

فَقَالَ التوأَم:

عِشارٌ وُلَّهٌ لاقَتْ عِشارا

فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَلَمَّا أَنْ عَلا كَنَفَي أُضاخٍ

فَقَالَ التوأَم:

وَهَتْ أَعْجازُ رَيِّقِهِ فَحارا

فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَلَمْ يَتْرُكْ بِذاتِ السِّرِّ ظَبْياً

فَقَالَ التوأَم:

وَلَمْ يَتْرُكْ بجَلْهَتِها حِمَارَا

وَمِثْلُ مَا فَعَلَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بالتوأَم فَعَلَ عَبيدُ بْنُ الأَبْرص بِامْرِئِ الْقَيْسِ، فَقَالَ لَهُ عَبِيدٌ: كَيْفَ مَعْرِفَتُكَ بالأَوابد؟ فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَلقِ مَا أَحببت، فَقَالَ عَبِيدٌ:

مَا حَيَّةٌ مَيْتَةٌ أَحْيَتْ بِمَيِّتِها ... دَرْداءَ، مَا أَنْبَتَتْ نَابًا وأَضْراسا؟

قال امْرُؤُ الْقَيْسِ:

تِلْكَ الشَّعِيرَةُ تُسْقى فِي سَنابِلِها، ... فَأَخْرَجَتْ بَعْدَ طُولِ المُكْثِ أَكداسا

فَقَالَ عَبِيدٌ:

مَا السُّودُ والبِيضُ والأَسْماءُ واحِدَةٌ، ... لَا يَسْتَطِيعُ لَهُنَّ النَّاسُ تَمْساسا؟

فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

تِلْكَ السَّحابُ إِذا الرَّحْمَنُ أَنشأَها، ... رَوَّى بِها مِنْ مَحُولِ الأَرْضِ أَنْفاسا

ثُمَّ لَمْ يَزَالَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَمَّلَا سِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا. تَفْسِيرُ الأَبيات الرَّائِيَّةِ: قَوْلُهُ هَبَّ وَهْنًا، الْوَهْنُ: بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَبَرِيقًا: تَصْغِيرُهُ تَصْغِيرُ التَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِمْ دُوَيْهِيَةٌ يُرِيدُ أَنه عَظِيمٌ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ:

كَنَارِ مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعَارَا

وَخَصَّ نَارَ المجوس لأَنهم يعيدونها. وَقَوْلُهُ: أَرقت لَهُ أَي سَهِرْتُ مِنْ أَجله مُرْتَقِبًا لَهُ لأَعلم أَين مصابُّ مائِه. وَاسْتَطَارَ: انْتَشَرَ. وَهَزِيزُهُ: صَوْتُ رَعْدِهِ. وَقَوْلُهُ: بوَرَاءِ غَيْبٍ أَي بِحَيْثُ أَسمعه وَلَا أَراه. وَقَوْلُهُ: عِشار وُلَّهٌ أَي فَاقِدَةٌ أَولادها فَهِيَ تُكْثِرُ الْحَنِينَ وَلَا سِيَّمَا إِذا رأَت عِشاراً مِثْلَهَا فإِنه يزدادُ حَنينُها، شَبَّه صَوْتَ الرَّعْدِ بأَصْوات هَذِهِ العِشارِ مِنَ النُّوقِ. وأُضاخ: اسم موضع، وكَفاه: جَانِبَاهُ. وَقَوْلُهُ: وَهَتْ أَعْجاز رَيِّقه أَي اسْتَرْخَتْ أَعجاز هَذَا السَّحَابِ، وَهِيَ مَآخِيرُهُ، كَمَا تَسِيلُ الْقِرْبَةُ الخَلَقُ إِذا اسْتَرْخَتْ. وريِّق الْمَطَرِ: أَوّله. وذاتُ السِّر: مَوْضِعٌ كَثِيرُ الظِّبَاءِ والحُمُر، فَلَمْ يُبْق هَذَا المطرُ ظَبْيًا بِهِ وَلَا حِمَارًا إِلَّا وَهُوَ هَارِبٌ أَو غَريق. والجَلْهَةُ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ الْوَادِي إِذا وَافَيْتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: المَجُوسُ جِيلٌ مَعْرُوفٌ جمعٌ، وَاحِدُهُمْ مَجُوسِيٌّ؛ غَيْرُهُ: وَهُوَ معرَّب أَصلُه مِنْج كُوشْ، وَكَانَ رَجُلًا صَغير الأُذُنَيْن كَانَ أَوّل مَنْ دانَ بِدين المَجُوس وَدَعَا النَّاسَ إِليه، فعرَّبته الْعَرَبُ فَقَالَتْ: مَجُوسَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِهِ، وَالْعَرَبُ رُبما تَرَكَتْ صَرْفَ مَجُوسٍ إِذا شُبِّه بِقَبِيلَةٍ مِنَ الْقَبَائِلِ، وَذَلِكَ أَنه اجْتَمَعَ فِيهِ الْعُجْمَةُ والتأْنيت؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>