للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشُّرْبِ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ. والتَنَفُّس لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن يَشْرَبَ وَهُوَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِناء مِنْ غَيْرِ أَن يُبِينَه عَنْ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، والنَّفَس الْآخَرُ أَن يَشْرَبَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنَ الإِناء بِثَلَاثَةِ أَنْفاسٍ يُبينُ فَاهُ عَنِ الإِناء فِي كُلِّ نَفَسٍ. وَيُقَالُ: شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ إِذا كَانَ كَرِيه الطَّعْمِ آجِناً إِذا ذَاقَهُ ذَائِقٌ لَمْ يَتَنَفَّس فِيهِ، وإِنما هِيَ الشَّرْبَةُ الأُولى قَدْرِ مَا يُمْسِكُ رَمَقَه ثُمَّ لَا يَعُودُ لَهُ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:

وشَرْبَة مِنْ شَرابٍ غَيْرِ ذي نَفَسٍ، ... فِي صَرَّةٍ مِنْ نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ

ابْنُ الأَعرابي: شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ أَي فِيهِ سَعَةٌ وريٌّ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُهُ النَّفَس الجُرْعة، واكْرَعْ فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين أَي جُرْعة أَو جُرْعتين وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَن النّفَس الْوَاحِدَ يَجْرع الإِنسانُ فِيهِ عِدَّة جُرَع، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ عَلَى مِقْدَارِ طُولِ نَفَس الشَّارِبِ وَقِصَرِهِ حَتَّى إِنا نَرَى الإِنسان يَشْرَبُ الإِناء الْكَبِيرَ فِي نَفَس وَاحِدٍ عَلَى عِدَّةِ جُرَع. وَيُقَالُ: فُلَانٌ شَرِبَ الإِناء كُلَّهُ عَلَى نَفَس وَاحِدٍ، واللَّه أَعلم. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ نَفِّس عَنِّي أَي فَرِّج عَنِّي ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عَنْهُ تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يُقَالُ: نَفَّس اللَّه عَنْهُ كُرْبته أَي فرَّجها. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عَنْهُ كرْبة مِنْ كُرَب الْآخِرَةِ

، مَعْنَاهُ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُربة فِي الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّه عَنْهُ كُرْبة مِنْ كُرَب يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَيُقَالُ: أَنت فِي نَفَس مِنْ أَمرك أَي سَعَة، وَاعْمَلْ وأَنت فِي نَفَس مِنْ أَمرك أَي فُسحة وسَعة قَبْلَ الهَرَم والأَمراض وَالْحَوَادِثِ وَالْآفَاتِ. والنَّفَس: مِثْلُ النَّسيم، وَالْجَمْعُ أَنْفاس. ودارُك أَنْفَسُ مِنْ دَارِي أَي أَوسع. وَهَذَا الثَّوْبُ أَنْفَسُ مِنْ هَذَا أَي أَعرض وأَطول وأَمثل. وَهَذَا الْمَكَانُ أَنْفَسُ مِنْ هَذَا أَي أَبعد وأَوسع. وَفِي الْحَدِيثِ:

ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْهُ

أَي أَفسح وأَبعد قَلِيلًا. وَيُقَالُ: هَذَا الْمَنْزِلُ أَنْفَس الْمَنْزِلَيْنِ أَي أَبعدهما، وَهَذَا الثَّوْبُ أَنْفَس الثَّوْبَيْنِ أَي أَطولهما أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما. ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج وَوَسَّعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ نَفَّس عَنْ غَرِيمِهِ

أَي أَخَّر مُطَالَبَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَمَّارٍ: لَقَدْ أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ

أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن الْمُتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ استأْنف الْقَوْلَ وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ [دِجْلَةُ] إِذا زَادَ مَاؤُهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِن فِي الْمَاءِ نَفَساً لِي وَلَكَ أَي مُتَّسَعاً وَفَضْلًا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:

وشَربة مِنْ شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ، ... فِي كَوْكَبٍ مِنْ نُجُومِ القَيْظِ وضَّاحِ

أَي فِي وَقْتِ كَوْكَبٍ. وَزِدْنِي نَفَساً فِي أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نَفَس أَي مُتَّسع. وَيُقَالُ: لَكَ فِي هَذَا الأَمر نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حَتَّى يَصِيرَ نَهَارًا بَيِّنًا. وتَنَفَّس النَّهَارُ وَغَيْرُهُ: امتدَّ وَطَالَ. وَيُقَالُ لِلنَّهَارِ إِذا زَادَ: تَنَفَّسَ، وَكَذَلِكَ الْمَوْجُ إِذا نَضحَ الماءَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَنَفَّس النَّهَارُ انْتَصَفَ، وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ مِنْهُ إِما تَرَاخَى وَتَبَاعَدَ وإِما اتَّسَعَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

ومُحْسِبة قَدْ أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها، ... تَنَفَّسَ عَنْهَا جَنْبُها فَهِيَ كالشِّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>