لَهُمَا الشَّيْطانُ؛ يُرِيدُ إِليهما وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تُوصِلُ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا الْفِعْلَ. وَيُقَالُ لِهَمْس الصَّائِدِ وَالْكِلَابِ وأَصواتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاس؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَسْمَع للحَلْي وَسْواساً، إِذا انْصَرفت، ... كَمَا اسْتَعان بِريح عِشْرِقٌ زَجل
والهَمْس: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ يَهُزُّ قَصَباً أَو سِبّاً، وَبِهِ سُمِّيَ صَوْتُ الْحَلْيِ وَسْواساً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَباتَ يُشْئِزُه ثَأْدٌ، ويُسْهِرهُ ... تَذَوُّبُ الرِّيح، والوَسْوَاسُ والهِضَبُ
يَعْنِي بالوَسْواس هَمْسَ الصَّيَّادِ وَكَلَامَهُ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ خَلِيفَةَ يَقُولُ الوَسْوَسَة الْكَلَامُ الْخَفِيُّ فِي اخْتِلَاطٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْده إِلى الوَسْوَسَة
؛ هِيَ حَدِيثُ النَّفْسِ والأَفكار. وَرَجُلٌ مُوَسْوِس إِذا غَلَبَتْ عَلَيْهِ الوَسْوسة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَمَّا قُبِض رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وُسْوِسَ ناسٌ وكنت فيمن وُسْوِسَ
؛ يُرِيدُ أَنه اخْتَلَطَ كَلَامُهُ ودُهش بِمَوْتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والوَسْواس: الشَّيْطَانُ، وَقَدْ وَسْوَس فِي صَدْرِهِ ووَسْوَس إِليه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ
؛ أَراد ذِي الوَسْواس وَهُوَ الشَّيْطَانُ الَّذِي يُوَسوس فِي صُدُورِ النَّاسِ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِن لَهُ رأْساً كرأْس الْحَيَّةِ يَجْثِمُ عَلَى الْقَلْبِ، فإِذا ذَكَرَ العبدُ اللَّه خَنس، وإِذا تَرَكَ ذِكْرَ اللَّه رَجَعَ إِلى الْقَلْبِ يُوَسوس. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الوِسْواس، بِالْكَسْرِ، الْمَصْدَرُ. وَكُلُّ مَا حَدَّثَ لَكَ أَو وَسْوَسَ، فَهُوَ اسْمٌ. وَفُلَانٌ المُوَسْوِس، بِالْكَسْرِ: الَّذِي تَعْتَرِيهِ الوَساوِس. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مُوَسْوِس وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ مُوَسْوَس. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما قِيلَ مُوَسْوِس لِتَحْدِيثِهِ نَفْسَهُ بالوَسْوسة؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الصَّيَّادَ:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصاً ربَّ الفَلَقْ
يَقُولُ: لَمَّا أَحَسَّ بِالصَّيْدِ وأَراد رَمْيَهُ وَسْوَسَ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ حَذَرَ الْخَيْبَةِ. وَقَدْ وَسْوَسَتْ إِليه نَفْسُهُ وَسْوَسة ووِسْواساً، بِالْكَسْرِ، ووَسْوس الرجلَ: كلَّمه كَلَامًا خَفِيًّا. ووَسْوس إِذا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لم يبينه.
وطس: وَطَسَ الشيءَ وَطْساً: كَسَرَهُ ودقَّه. والوَطِيس: المَعْركة لأَن الْخَيْلَ تَطِسُها بِحَوَافِرِهَا. والوَطِيس: التَّنُّورُ. والوَطِيس: حُفَيْرَةٌ تُحْتَفَرُ وَيُخْتَبَزُ فِيهَا وَيُشْوَى، وَقِيلَ: الوَطِيس شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِثْلَ التَّنُّور يُخْتَبَزُ فِيهِ، وَقِيلَ: هِيَ تنُّور مِنْ حَدِيدٍ، وَبِهِ شُبِّه حَرّ الحَرْب.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حُنَيْن: الْآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ
، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ تُسمع إِلا مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ عَبَّرَ بِهِ عَنِ اشتِباك الحَرْب وَقِيَامِهَا عَلَى سَاقٍ. الأَصمعي: الوَطِيس حِجَارَةٌ مُدَوَّرَةٌ فإِذا حَمِيَتْ لَمْ يُمْكِنْ أَحداً الْوَطْءُ عَلَيْهَا، يُضْرب مَثَلًا للأَمر إِذا اشْتَدَّ: قَدْ حَمِي الوَطِيسُ. وَيُقَالُ: طِسِ الشيءَ أَي أَحْمِ الْحِجَارَةَ وضَعْها عَلَيْهِ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الوَطِيس الضِّراب فِي الْحَرْبِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: الْآنَ حِينَ حَمِيَ الوَطِيس
أَي حَمِيَ الضِّراب وجَدَّت الحربُ وَاشْتَدَّتْ، قَالَ: وَقَوْلُ النَّاسِ الوَطِيس التَّنُّورُ بَاطِلٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمْ حَمِيَ الوَطِيس: هُوَ الْوَطْءُ الَّذِي يَطِسُ النَّاسَ أَي يَدُقُّهُمْ وَيَقْتُلُهُمْ، وأَصل الوَطْس الْوَطْءُ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل. وَيُرْوَى
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رُفعت لَهُ «١» يَوْمَ مُؤْتَةَ فرأَى معتَرَك القوم
(١). هكذا في الأَصل، ولعله أَراد: رفعت له ساحة الحرب، أَو رفعت له المعركة أَي أَبصرها عن بُعد.