للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَرْبَ يَحُشُّها حَشّاً كَذَلِكَ عَلَى المَثَل إِذا أَسعرها وَهَيَّجَهَا تَشْبِيهًا بإِسْعار النَّارِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

يَحُشُّونَها بالمَشْرَفِيَّة والقنَا، ... وفِتْيانِ صِدْقٍ لَا ضِعافٍ وَلَا نُكْل

والمِحَشُّ: مَا تُحَرّكُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ، وَكَذَلِكَ المِحَشَّة؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ: نِعْم مِحَشُّ الكَتِيبة. وَفِي حَدِيثِ

زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَنِي بِمِحَشِّة

أَي قَضِيبٍ، جعلَتْه كَالْعُودِ الَّذِي تُحَشُّ بِهِ النَّارُ أَي تُحَرَّكَ بِهِ كأَنه حَرَّكَهَا بِهِ لتَفْهَم مَا يَقُولُ لَهَا. وَفُلَانٌ مِحَشُّ حَرْب: مُوقِد نَارِهَا ومُؤَرّثُها طَبِنٌ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:

وإِذا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّها أَي يُوقِدُها

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي بَصيرٍ: ويْلُ أُمِّه مِحَشُّ حَرْب لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ

وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: وأَطْفَأَ مَا حَشَّتْ يَهُودُ

أَي مَا أَوقَدَت مِنْ نِيرَانِ الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَمَا أَزالوكُمْ حَشّاً بالنِّصالِ

أَي إِسْعاراً وَتَهْيِيجًا بالرمْي. وحَشَّ النَّابِلُ سهمَه يَحُشُّه حَشّاً إِذا راشَه، وأَلْزَقَ بِهِ القُذَذَ مِنْ نَوَاحِيهِ أَو ركَّبها عَلَيْهِ؛ قَالَ:

أَو كمِرِّيخٍ عَلَى شَرْيانَةٍ، ... حَشَّه الرامِي بِظُهْرانٍ حُشُرْ «١»

وحُشّ الفرسُ بِجِنْبَيْنِ عَظِيمَيْنِ إِذا كَانَ مُجْفَراً. الأَزهري: الْبَعِيرُ وَالْفَرَسُ إِذا كَانَ مُجْفَرَ الْجَنْبَيْنِ يُقَالُ: حُشَّ ظَهْرُهُ بِجَنْبَيْنِ واسِعَين، فَهُوَ مَحْشُوش؛ وَقَالَ أَبو دُوَادَ الإِيادي يَصِفُ فَرَسًا:

منَ الحارِكِ مَحْشُوش، ... بِجَنْبٍ جُرْشُعٍ رَحْبِ

وحَشَّ الدَّابَّةَ يَحُشُّها حَشّاً: حَمَلَهَا فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:

قَدْ حَشَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ، ... مُهاجِرٍ، لَيْسَ بأَعْرابيِّ «٢»

قَالَ الأَزهري: قَدْ حَشَّهَا أَي قَدْ ضمَّها. ويَحُشُّ الرجلُ الحطبَ ويَحُشُّ النَّارَ إِذا ضَمَّ الْحَطَبَ عَلَيْهَا وأَوقَدَها، وَكُلُّ مَا قُوِّيَ بِشَيْءٍ أَو أُعِينَ بِهِ، فَقَدْ حُشَّ بِهِ كَالْحَادِي للإِبل والسلاحِ لِلْحَرْبِ وَالْحَطَبِ لِلنَّارِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

هُوَ الطِّرْفُ لَمْ تُحْشَشْ مَطِيٌّ بِمِثْلِه، ... وَلَا أَنَسٌ مُسْتَوْبِدُ الدارِ خائِفُ

أَي لَمْ تُرْمَ مَطِيٌّ بِمِثْلِهِ وَلَا أَعينَ بِمِثْلِهِ قَوْمٌ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلى الْمَعُونَةِ. وَيُقَالُ: حَشَشْتُ فُلَانًا أَحُشُّه إِذا أَصْلَحْت مِنْ حالِه، وحَشَشْت مالَه بمالِ فُلَانٍ أَي كَثَّرْت بِهِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

فِي المُزَنيِّ الَّذِي حَشَشْت لَهُ ... مالَ ضَرِيكٍ، تِلادُه نُكْد

قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: يُقَالُ أُلْحِق الحِسَّ بالإِسّ، قَالَ: وَسَمِعَتْ بَعْضَ بَنِي أَسد أَلحِق الحِشَّ بالإِشّ، قَالَ: كأَنه يَقُولُ أَلحق الشيءَ بِالشَّيْءِ إِذا جَاءَكَ شَيْءٌ مِنْ نَاحِيَةٍ فَافْعَلْ بِهِ؛ جَاءَ بِهِ أَبو تُرَابٍ فِي بَابِ الشِّينِ وَالسِّينِ وتعاقُبِهما. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ حُشَّ عَلَيَّ الصيدَ؛ قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ الصحيحُ حُشْ عليَّ الصيدَ بِالتَّخْفِيفِ مَنْ حاشَ يَحُوش، وَمَنْ قَالَ حَشَشْت الصيدَ بِمَعْنَى حُشْته فإِني لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَسْتُ أُبْعِده مَعَ ذَلِكَ مِنَ الجَواز، وَمَعْنَاهُ ضُمَّ الصَّيْدَ مِنْ جَانِبَيْهِ كَمَا يُقَالُ حُشَّ البعيرُ بجَنْبَين وَاسِعَيْنِ أَي ضُمّ، غَيْرَ أَن الْمَعْرُوفَ فِي الصَّيْدِ الحَوْش. وحَشَّ الفرَسُ يَحُشُّ حَشّاً إِذا أَسْرَعَ، وَمِثْلُهُ أَلْهَبَ كأَنه يتوقد


(١). قوله [حشر] كذا ضبط في الأَصل.
(٢). وفي رواية أخرى: لفها الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>